٢٠
قال أبو الليث رحمه الله حدثني الثقة بإسناده عن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ ( لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن ولا التجارة فيهن وأكل أثمانهن حرام )
وفيه أنزل الله عز وجل هذه الآية " ومن الناس من يشتري لهو الحديث "
وروى مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " قال شراء المغنية
ويقال " لهو الحديث " ههنا الشرك
يعني يختار الشرك على الإيمان ليضل عن سبيل الله عز وجل
يعني ليصرف الناس بذلك عن سبيل الله " بغير علم " يعني بغير حجة " ويتخذها هزوا " يعني سبيل الله عز وجل لأن السبيل مؤنث كقوله تعالى " قل هذه سبيلي " [ يوسف ١٠٨ ] ويقال " ويتخذها هزوا " يعني آيات القرآن التي ذكر في أول السورة استهزاء بها حيث جعلها بمنزلة حديث رستم واسفنديار
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " ليضل " بنصب الياء وقرأ الباقون بالضم
فمن قرأ بالنصب فمعناه ليضل بذلك عن سبيل الله يعني بترك دين الإسلام
ومن قرأ بالضم يعني يصرف الناس عن دين الإسلام ويصرف نفسه أيضا
وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص " ويتخذها " بنصب الذال وقرأ الباقون بالضم
فمن نصبها ردها على قوله " ليضل " يعني لكي يضل ولكي " يتخذها هزوا " ومن قرأ بالضم ردها على قوله " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " " ويتخذها " وقال " أولئك لهم عذاب مهين " يهانون به
قوله عز وجل " وإذا تتلى عليه آياتنا " يعني إذا قرئ عليه القرآن " ولى مستكبرا " يعني أعرض مستكبرا عن الإيمان والقرآن " كأن لم يسمعها " يعني كأن لم يسمع ما في القرآن من الدلائل والعجائب " كأن في أذنيه وقرا " أي ثقلا فلا يسمع القرآن يعني يتصامم " فبشره بعذاب أليم "
فلما ذكر عقوبة الكافر ذكر على أثر ذلك ثواب المؤمنين فقال " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات " الطاعات فيما بينهم وبين ربهم " لهم جنات النعيم " في الآخرة " خالدين " يعني دائمين " فيها وعد الله حقا " أوجبه الله عز وجل لأهل هذه الصفة " وهو العزيز " في ملكه " الحكيم " حكم بالعذاب للكافرين والنعيم للمؤمنين


الصفحة التالية
Icon