٢٠٦
سورة غافر ٨٥
ثم ذكر صنعه ليعتبروا فقال " الله الذي جعل لكم الأنعام " يعني خلق لكم البقر والغنم والإبل " لتركبوا منها " يعني بعضها يعني الإبل " ومنها تأكلون " من لحومها وألبانها " ولكم فيها منافع " يعني في الأنعام " منافع " في ظهورها وشعورها وشرب ألبانها " ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم " يعني ما في قلوبكم من بلد إلى بلد " وعليها وعلى الفلك تحملون " يعني على الأنعام وعلى السفن
قوله عز وجل " ويريكم آياته " يعني دلائله وعجائبه " فأي آيات الله تنكرون " بأنها ليست من الله تعالى
ثم قال " أفلم يسيروا في الأرض " يعني يسافروا في الأرض " فينظروا " يعني فيعتبروا " كيف كان عاقبة الذين من قبلهم " يعني آخر أمر من كان قبلهم كيف فعلنا بهم حين كذبوا رسلهم " كانوا أكثر منهم " يعني أكثر من قومك في العدد " وأشد قوة " من قومك " وآثارا في الأرض " يعني مصانعهم أعظم آثارا في الأرض وأطول أعمارا وأكثر ملكا في الأرض " فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون " يعني لم ينفعهم ما عملوا في الدنيا حين نزل بهم العذاب
قوله عز وجل " فلما جاءتهم رسلهم بالبينات " بالأمر والنهي وبخبر العذاب " فرحوا بما عندهم من العلم " يعني من قلة علمهم رضوا بما عندهم من العلم ولم ينظروا إلى دلائل الرسل
ويقال رضوا بما عندهم فقالوا لن نعذب ولن نبعث
ويقال " فرحوا بما عندهم من العلم " أي علم التجارة كقوله " يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا " [ الروم ٧ ]
" وحاق بهم " يعني نزل بهم " ما كانوا يستهزئون " يعني يسخرون به ويقولون إنه غير نازل بهم
قوله عز وجل " فلما رأوا بأسنا " يعني عذابنا في الدنيا " قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا " يعني تبرأنا " بما كنا به مشركين " يعني بما كنا به مشركين من الأوثان
يقول الله تعالى " فلم يك ينفعهم إيمانهم " يعني تصديقهم " لما رأوا بأسنا " يعني حين رأوا عذابنا
قال القتبي البأس الشدة والبأس العذاب كقوله " فلما رأوا بأسنا " وكقوله " فلما أحسوا " بأسنا " سنت الله التي قد خلت في عباده " قال مقاتل يعني كذلك كانت سنة الله " في عباده "
يعني العذاب في الأمم الخالية إذا عاينوا العذاب لم ينفعهم الإيمان
وقال القتبي هكذا سنة الله أنه من كفر عذبه " وخسر هنالك الكافرون " أي خسر عند ذلك الكافرون بتوحيد الله عز وجل و ﷺ على سيدنا محمد وآله وسلم