٢٦٦
قوله عز وجل " أم حسب الذين اجترحوا السيئات " يعني اكتسبوا السيئات وذلك أنهم كانوا يقولون إنا نعطى في الآخرة من الخير ما لم تعطوا
قال الله تعالى " أم حسب " يعني أيظن الذين عملوا الشرك وهو عتبة وشيبة والوليد وغيرهم " أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات " يعني عليا وحمزة وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم " سواء محياهم ومماتهم " يعني يكونون سواء في نعم الآخرة
وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص " سواء " بالنصب والباقون بالضم
فمن قرأ بالنصب فمعناه أحسبوا أن نجعلهم سواء أي مستويا فيجعل " أن نجعلهم " متعديا إلى مفعولين
ومن قرأ بالضم جعل تمام الكلام عند قوله " وعملوا الصالحات " ثم ابتدأ فقال " سواء محياهم ومماتهم " خبر الابتداء
وقال مجاهد " سواء محياهم ومماتهم " قال المؤمنون في الدنيا والآخرة مؤمن يموت على إيمانه ويبعث على إيمانه والكافر في الدنيا والآخرة كافر يموت على الكفر ويبعث على الكفر
وروى أبو الزبير عن جابر قال يبعث كل عبد على ما مات عليه المؤمن على إيمانه والمنافق على نفاقه ثم قال " ساء ما يحكمون " أي بئس ما يقضون الخير لأنفسهم حين يرون أن لهم ما في الآخرة ما للمؤمنين
قوله عز وجل " وخلق الله السموات والأرض بالحق " وقد ذكرناه " ولتجزي كل نفس بما كسبت " يعني ما عملت " وهم لا يظلمون " يعني لا ينقصون من ثواب أعمالهم ولا يزادون على سيئاتهم
قوله تعالى " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه " روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان أحدهم يعبد الحجر فإذا رأى ما هو أحسن منه رمى حجره وعبد الأخر
وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه " قال يعمل بهواه ولا يهوى شيئا إلا ركبه ولا يخاف الله
ثم قال " وأضله الله على علم " يعني علم منه أنه ليس من أهل الهدى " وختم على سمعه وقلبه " يعني خذله الله فلم يسمع الهدى قلبه يعني ختم على قلبه فلا يرغب في الحق " وجعل على بصره غشاوة " يعني غطاء كي لا يعتبر في دلائل الله تعالى
قرأ حمزة والكسائي " غشوة " بنصب الغين بغير ألف والباقون غشاوة
كما اختلفوا في سورة البقرة ومعناهما واحد
ثم قال " فمن يهديه من بعد الله " يعني من بعد ما أضله الله " أفلا تذكرون " أن من لا يقبل إلى دين الله ولا يرغب في طاعته لا يكرمه بالهدى والتوحيد