٢٦٨
[ الإسراء ٧١ ] يعني بكتابهم " اليوم تجزون ما كنتم تعملون " يعني يقال لهم اليوم تثابون بما كنتم تعملون في الدنيا من خير أو شر
قوله تعالى " هذا كتابنا ينطق عليكم " يعني الذي كتب عليكم الحفظة " ينطق عليكم " " بالحق " يعني يشهد عليكم بالصدق
يعني أنتم تقرأونه فيذكركم فكأنه ينطق عليكم
ثم قال " إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " يعني نستنسخ عملكم من اللوح المحفوظ نسخة أعمالكم " ما كنتم تعملون " من الحسنات والسيئات
قال أبو الليث رحمه الله حدثنا الخليل بن أحمد
قال حدثنا الماسرجسي قال حدثنا إسحاق قال حدثنا بقية بن الوليد قال حدثني أرطأة بن المنذر عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي ﷺ أنه قال ( أول ما خلق الله القلم فكتب ما يكون في الدنيا من عمل معمول برا وفاجرا وأحصاه في الذكر فاقرؤوا إن شئتم " إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " فهل يكون النسخ إلا من شيء قد فرغ منه )
وروى الضحاك عن ابن عباس قال أن الله تعالى وكل ملائكته يستنسخون عن ذلك الكتاب المكتوب عنده كل عام في شهر رمضان ما يكون في الأرض من حدث إلى مثلها من السنة المقبلة فيعارضون به حفظه الله تعالى على عبادة كل عشية خميس فيجدون ما رفع الحفظة موافقا لما في كتابهم ذلك ليس فيه زيادة ولا نقصان
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ألستم قوما عربا هل يكون النسخ إلا من أصل كان قبل ذلك وقال القتبي " إنا كنا نستنسخ " قال إن الحفظة يكتبون جميع ما يكون من العبد ثم يقابلونه بما في أم الكتاب فما فيه من ثواب أو عقاب أثبت وما لم يكن فيه ثواب ولا عقاب محي فذلك قوله " يمحوا الله من يشاء ويثبت " [ الرعد ٣٩ ] الآية
وقال الكلبي يرفعان ما كتبا فينسخان ما فيها من خير أو شر ويطرح ما سوى ذلك
ثم قال " فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين " وقد ذكرناه
قوله عز وجل " وأما الذين كفروا " يعني جحدوا الكتاب والرسل والتوحيد
يقال لهم " أفلم تكن آياتي تتلى عليكم " يعني تقرأ عليكم في الدنيا " فاستكبرتم " يعني تكبرتم عن الإيمان والقرآن " وكنتم قوما مجرمين " يعني مشركين كافرين بالرسل والكتب