٢٧٥
الموت وذلك قبل أن يسلم " وقد خلت القرون من قبلي " أي مضت الأمم ولم يبعث أحدهم " ومما يستغيثان الله " يعني أبويه يدعوان الله تعالى له بالهدى اللهم اهده وارزقه الإيمان ويقولان له " ويلك آمن إن وعد الله حق " يعني ويحك أسلم وصدق بالبعث فإن البعث كائن " فيقول " لهما " ما هذا إلا أساطير الأولين " يعني كذبهم فقال عبد الرحمن إن كنتما صادقين فأخرجا فلانا وفلانا من قبورهما فنزل " أولئك " يعني القرون التي ذكر " الذين حق عليهم القول " أي وجب عليهم العذاب
" في أمم قد خلت من قبلهم " يعني في أمم قد مضت من قبلهم من كفار " الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين " في الآخرة بالعقوبة فأسلم عبد الرحمن وحسن إسلامه وذكر في الخبر أن مروان بن الحكم قال نزلت هذه الآية في شأن عبد الرحمن فبلغ ذلك عائشة فقالت بل نزلت في أبيك وأخيك
قوله عز وجل " ولكل درجات مما عملوا " يعني فضائل في الثواب والعقاب مما عملوا " وليوفيهم أعمالهم " يعني أجورهم " وهم لا يظلمون " يعني لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئا ولا يزادون على سيئات أعمالهم
قوله تعالى " ويوم يعرض الذين كفروا على النار " يعني يكشف الغطاء عنها فينظرون إليها فيقال لهم " أذهبتم طيباتكم " يعني أكلتم حسناتكم " في حياتكم الدنيا " وقرأ ابن عامر " أأذهبتم " بهمزتين وقرأ ابن كثير " أذهبتم " بالمد ومعناهما واحد ويكون استفهاما على وجه التوبيخ
والباقون " أذهبتم " بهمزة واحدة بغير مد على معنى الخبر " واستمتعتم بها " يعني انتفعتم بها في الدنيا
وروي عن عمر أنه اشتهى شرابا فأتي بقدح فيه عسل فأدار القدح في يده فقال أشربها فتذهب حلاوتها أو تبقى نقمتها
ثم ناول القدح رجلا فسئل عن ذلك فقال خشيت أن أكون من أهل هذه الآية " أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا "
وروي عن عمر أنه دخل على رسول الله ﷺ وهو على حصير وقد أثر بجنبه الشريط فبكى عمر فقال ( ما يبكيك يا عمر ) فقال ذكرت كسرى وقيصر وما كانا فيه من الدنيا وأنت رسول رب العالمين قد أثر بجنبيك الشريط
فقال النبي ﷺ ( أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا ونحن قوم أخرت لنا طيباتنا في الآخرة )
ثم قال " فاليوم تجزون عذاب الهون " يعني العذاب الشديد " بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق " يعني تستكبرون عن الإيمان " وبما كنتم تفسقون " يعني تعصون الله تعالى
سورة الأحقاف ٢١


الصفحة التالية
Icon