٢٨٠
يساق الذين كفروا إلى النار ويقال لهم " أليس هذا بالحق " يعني أليس هذا العذاب الذي ترون حقا وكنتم تكذبون به " قالوا بلى " يعني إنه الحق " وربنا " يعني والله إنه الحق فيقرون حين لا ينفعهم إقرارهم فيقال لهم " قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون " يعني تجحدون " فاصبر " يا محمد ﷺ يعني اصبر على أذى أهل مكة وتكذيبهم
" كما صبر أولو العزم من الرسل " يعني أولو الحزم
وهو أن يصبر في الأمور ويثبت عليها وذلك أن النبي ﷺ أراد أن يدعو عليهم فأمره الله تعالى بالصبر كما صبر نوح وكما صبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف وغيرهم من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين
وقال السدي " أولو العزم " الذين أمروا بالقتال من الرسل
وقال أبو العالية " أولو العزم من الرسل " كانوا ثلاثة والنبي ﷺ رابعهم إبراهيم وهود ونوح فأمره الله تعالى أن يصبر كما صبروا
وقال مقاتل " أولو العزم من الرسل " اثني عشر نبيا في بيت المقدس فأوحى الله إليهم ثلاث مرات أن اخرجوا من بين أقوامكم فلم يخرجوا
فقال الله تعالى يمضي العذاب عليكم مع قومكم فتشاوروا فاختاروا هلاك أنفسهم بينهم " ولا تستعجل لهم " يعني لا تستعجل لهم بالعذاب " كأنهم يوم يرون ما يوعدون " يعني العذاب قد أتاهم من قريب في الآخرة فلقربه كأنهم يرونه في الحال
ويقال في الآية تقديم ومعناه كأنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة يعني إذا أتاهم ذلك اليوم يرون أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا القليل
فذلك قوله " لم يلبثوا إلا ساعة من نهار " يعني من نهار الدنيا
ويقال يعني في القبور
وقال أبو العالية معناه كأنهم يرون حين يظنون أنهم لم يلبثوا إلا ساعة من نهار
ثم قال " بلاغ " يعني ذلك بلاغ يعني وبلغه وأجل فإذا بلغوا أجلهم ذلك " فهل يهلك إلا القوم الفاسقون " يعني هل يهلك في العذاب إذا جاء العذاب إلا القوم العاصون
ويقال معناه لا يهلك مع رحمة الله وفضله إلا القوم الفاسقون
ويقال " بلاغ " يعني هذا الذي ذكر بلاغ أي تمام العظة
ويقال هو من الإبلاغ أي هذا إرسال وبيان لهم كقوله " هذا بلاغ للناس " قرأ ابن عامر " أذهبتم طيباتكم " بهمزتين وقرأ ابن كثير " أذهبتم " بالمد ومعناها واحد ويكون استفهاما على وجه التوبيخ
وقرأ الباقون " أذهبتم " بهمزة واحدة من غير مد ﷺ على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم