٣٠٩
بأسلحتهم ومنعوا مني الصدقات وطرحوني وأرادوا قتلي فهم رسول الله ﷺ أن يبعث لقتالهم فجاؤوا إلى المدينة وقالوا يا رسول الله لما بلغنا قدوم رسولك خرجنا نبجله ونعظمه فانصرف عنا فاغتم رسول الله ﷺ بما فعل الوليد بن عقبة فنزل " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ " يعني بحديث كذب وبخبر كذب " فتبينوا " يعني قفوا ولا تعجلوا " أن تصيبوا " يعني كيلا تصيبوا " قوما بجهالة " وأنتم لا تعلمون بأمرهم " فتصبحوا " يعني فتصيروا " على ما فعلتم نادمين "
قرأ حمزة والكسائي " فتثبتوا " بالثاء وقرأ الباقون بالياء " فتبينوا " مثل ما في سورة النساء
ثم قال للمؤمنين رضي الله عنهم " واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر " يعني ما أمرتم به لأن الناس كانوا قد حرضوه على إرسالهم لقتال بني المصطلق " لعنتم " يعني لأثمتم
وروى أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري أنه قرأ هذه الآية " لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم " يعني هذا نبيكم وخياركم " لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم " فكيف بكم اليوم
ويقال " لعنتم " أي لهلكتم
وأصله من عنت البعير إذا انكسرت رجله
ثم ذكر لهم النعم فقال " ولكن الله حبب إليكم الإيمان " يعني جعل حب الإيمان في قلوبكم " وزينه في قلوبكم " يعني حسنه للثواب الذي وعدكم ويقال دلكم عليه بالحجج القاطعة
ويقال زينه في قلوبكم بتوفيقه إياكم لقبوله " وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان " يعني بغض إليكم الكفر والمعاصي لما بينه من العقوبة
ثم قال " أولئك هم الراشدون " يعني المهتدون
فذكر أول الآية على وجه المخاطبة وآخر الآية بالمغايبة
ثم قال " أولئك هم الراشدون " ليعلم أن جميع من كان حاله هكذا فقد دخل في هذا المدح
وفي الآية دليل أن من كان مؤمنا فإنه لا يحب الفسوق والمعصية لأن الله تعالى قال " وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان " والمؤمن إذا ابتلي بالمعصية فإن شهوته وغفلته تحمله على ذلك لا لحبه للمعصية
ثم قال " فضلا من الله ونعمة " يعني كان الإيمان الذي حببه إليكم والكفر الذي بغضه إليكم كان " فضلا من الله ونعمة " يعني رحمة " والله عليم " بخلقه " حكيم " في أمره وقضائه
سورة الحجرات ٩ - ١٠
قوله عز وجل " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما " وذلك أن النبي ﷺ خرج إلى الأنصار ليكلمهم في أمر من الأمور وهو على حمار فوقف على حمار يكلم الأنصار


الصفحة التالية
Icon