٣٥
بالليل ويقومون عن فرشهم " يدعون ربهم خوفا وطعما " " خوفا " من عذابه " وطمعا " في رحمته " ومما رزقناهم ينفقون " يعني يتصدقون من أموالهم
يعني صدقة التطوع لأنه قرية كصلاة التطوع
ويقال يعني الزكاة المفروضة
والأول أراد به العشاء والفجر
ثم بين ثوابهم فقال عز وجل " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم " يعني ما أعد لهم " من قرة أعين " يعني من الثواب في الجنة
ويقال من طيبة النفس
وروى أبو هريرة عن النبي ﷺ أنه قال ( يقول الله عز وجل أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر )
قال أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين "
قال مقاتل قيل لابن عباس ما الذي أخفي لهم قال في جنة عدن ما لم يكن في جناتهم
قرأ حمزة " ما أخفي " بسكون الياء
وقرأ الباقون بنصبها
فمن قرأ بالسكون فهو على معنى الخبر عن نفسه فكأنه قال " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم " يعني الجزاء الذي أخفي لهم ويشهد قراءة عبد الله بن مسعود " ما يخفى لهم " ومن قرأ بالنصب فهو على فعل ما لم يسم فاعله على معنى أفعل
وقرئ في الشاذ " وما أخفي " يعني وما أخفى الله عز وجل لهم
ثم قال " جزاء بما كانوا يعملون " يعني جزاء لأعمالهم
قوله عز وجل " أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون " يعني لا يستوون عند الله عز وجل في الفضل
نزلت الآية في علي بن أبي طالب رضي الله عنه والوليد بن عقبة بن أبي معيط وذلك انه جرى بينهما كلام فقال الوليد لعلي بأي شيء تفاخرني أنا والله أحد منك سنانا وأبسط منك لسانا وأملأ منك في الكتيبة عينا
يعني أكون أملأ مكانا في العسكر
فقال له علي رضي الله عنه اسكت فإنك فاسق فنزل " أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون "
وقال الزجاج نزلت في عقبة بن أبي معيط
قال ويجوز في اللغة لا يستويان ولم يقرأ والقراءة " لا يستوون " ومعناهما لا يستوي المؤمنون والكافرون
ثم بين مصير كلا الفريقين فقال تعالى " أما الذين آمنوا " أي أقروا بالله ورسوله والقرآن " وعملوا الصالحات " يعني الطاعات " فلهم جنات المأوى نزلا " يعني يأوي إليها المؤمنون
ويقال يأوي إليها أرواح الشهداء وهو أصح في اللغة
ثم قال " نزلا " يعني رزقا
والنزل في اللغة هو الرزق
ويقال " نزلا " يعني منزلا " بما كانوا يعملون " يعني بأعمالهم
ثم بين مصير الفاسقين فقال " وأما الذين فسقوا " يعني عصوا ولم يتوبوا " فمأواهم النار " ويقال " فسقوا " يعني نافقوا وهو الوليد بن عتبة ومن كان مثل حاله " فمأواهم النار " يعني مصيرهم إلى النار ومرجعهم إليها " كلما أرادوا أن يخرجوا منها " يعني من
النار