٣٦٣
وعيد من غير شغل إن الله تعالى لا يشغله شيء بشيء
وقال الزجاج الفراغ في اللغة على ضربين
أحدهما الفراغ من الشغل والآخر القصد للشيء كما تقول سأفرغ لفلان أي سأجعل قصدي له
قرأ حمزة والكسائي " سيفرغ لكم " بالياء والباقون بالنون وكلاهما يرجع إلى معنى واحد
يعني سيحفظ الله عليكم أعمالكم ويحاسبكم بما تعملون
ثم قال " فبأي آلاء ربكما تكذبان " يعني ما عملتم فإنه لا ينسى ولا يمنح ثوابه وينصفكم من ظلمكم فيكف تنكرون هذه النعم بأنها ليست من الله تعالى واعلموا أن هذه النعم كلها من الله فاشكروه
فكيف تنكرون من هو يجازيكم بأعمالكم ولا يمنع ثواب حسناتكم وينصركم على أعدائكم فهذه النعم كلها من الله فاشكروه ووحدوه
سورة الرحمن ٣٣ - ٣٦
ثم قال " يا معشر الجن والإنس إن استطعتم " يعني إن قدرتم " أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض " يعني أن تخرجوا من أطراف السموات والأرض ونواحيها " فانفذوا " يعني فاخرجوا إن استطعتم
قال مقاتل هذا الخطاب للجن والإنس في الدنيا
يعني إن استطعتم أن تخرجوا من أقطار السموات والأرض هروبا من الموت " فانفذوا " " لا تنفذون إلا بسلطان " يعني أينما توجهتم أدرككم الموت
وروي عن ابن عباس أنه قال هذا الخطاب في يوم القيامة وذلك أن السماء تتشقق بالغمام وتنزل ملائكة السموات ويقومون حول الدنيا محيطين بها وجاء الروح وهو ملك يقوم صفا وهو أكبر من جميع الخلق فحينئذ يقال لهم " إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان " يعني لا تنجون إلا بحجة وبرهان
ثم قال " فبأي آلاء ربكما تكذبان " يعني فبأي نعمة من نعمائه تجحدون حيث بين لكم أحوال يوم القيامة حتى تتوبوا وترجعوا
ويقال معناه ذلك اليوم لا يفوته أحد ولا يعينكم أحد غيره فكيف تجحدون هذه النعم
ثم قال " يرسل عليكم شواظ من نار " يعني يرسل على كفار الجن وكفار الإنس لهبا من النار " ونحاس " يعني الصفر المذاب يعذبون بهما
ويقال دخان لا لهب فيه
ويقال النحاس هو لباس أهل النار " فلا تنتصران " يعني لا تمنعان من ذلك
قرأ ابن كثير " يرسل عليكما شواظ " بكسر الشين والباقون بالضم فهما لغتان ومعناهما واحد
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " ونحاس " بكسر السين والباقون بالضم
فمن قرأ بالكسر عطف على قوله " من نار " ومن قرأ بالضم عطف على قوله " شواظ "


الصفحة التالية
Icon