٣٦٥
ثم قال عز وجل " هذه جهنم " وذلك أن الكفار إذا دنوا من النار تقول لهم الخزنة هذه جهنم " التي يكذب بها المجرمون " يعني جهنم التي كنتم بها تكذبون في الدنيا
ثم أخبر عن حالهم فيها فقال " يطوفون بينها وبين حميم آن " يعني الشراب الحار الذي قد انتهى حره وذلك أنه يسلط عليهم الجوع فيؤتى بهم إلى الزقوم الذي طلعها كرؤوس الشياطين فأكلوا منها فأخذ في حلقهم فاستغاثوا بالماء فأتوا من الحميم فإذا قربوا إلى وجوههم تناثر لحم وجوههم فيشربون فيغلي في أجوافهم ويخرج جميع ما فيها ثم يلقى عليهم الجوع فمرة يذهب بهم إلى الحميم ومرة إلى الزقوم فذلك قوله تعالى " يطوفون بينها وبين حميم آن "
ثم قال " فبأي آلاء ربكما تكذبان " يعني هو الذي ينجيكم من عذاب الآخرة إن أطعتم أمره وآمنتم برسله فكيف تنكرون وحدانية الله تعالى ويقال معناه إن إخباري إياكم بهذه العقوبة نعمة لكم لكي تنتهوا عن الكفر والمعاصي فلا تنكروا نعمتي عليكم
سورة الرحمن ٤٦ - ٥٥
ذكر الله في هذه الآيات دفع البلاء ثم ذكر إيصال النعم لمن اتقاه وأطاع أمره فقال تعالى " ولمن خاف مقام ربه جنتان " يعني من خاف عند المعصية مقامه يوم القيامة بين يدي ربه فانتهى عن المعصية فله في الآخرة " جنتان " يعني بستانان
وقال مجاهد هو الرجل يهم بالمعصية فيذكر الله عندها فيدعها فله أجران
وذكر عن الفراء أنه قال " جنتان " أراد به جنة واحدة وإنما ذكر " جنتان " للقوافي والقوافي تحتمل الزيادة والنقصان ما لا يحتمل الكلام
وقال القتبي هذا لا يجوز لأن الله تعالى قد وعد ببستانين فلا يجوز أن يريد بهما واحدا فلو جاز هذا لجاز أن يقال في قوله تسعة عشر إنما هم عشرون ولكن ذكر للقوافي
ثم قال " فبأي آلاء ربكما تكذبان " يعني بأي نعمة من نعماء الله تعالى تتجاحدان إذ جعل الجنة ثواب أعمالكم فيكف تنكرون وحدانية الله تعالى ونعمته
قوله تعالى " ذواتا أفنان " يعني ذواتا ألوان
يعني البساتين فيها ألوان من الثمرات
ويقال " ذواتا " أغصان
وقال الزجاج الأفنان ألوان وهي الأغصان أيضا واحدها فنن
ثم قال " فبأي آلاء ربكما تكذبان " يعني قد وعدتم الجنة والراحة فكيف تنكرون وحدانيته ونعمته


الصفحة التالية
Icon