٣٩٤
قوله تعالى " إن الذين يحادون الله ورسوله " يعني يعادون ويشاقون الله ورسوله ويقال يشاقون أولياء الله ورسوله يعني الذين يشاقون أولياء الله لأن أحدا لا يعادي الله ولكن من عادى أولياء الله فقد عادى الله تعالى
ثم قال " كبتوا كما كبت الذين من قبلهم " قال مقاتل أخذوا كما أخذ الذين من قبلهم من الأمم ويقال عذبوا كما عذب الذين من قبلهم وقال أبو عبيد يعني أهلكوا ويقال أغيظوا كما غيظ الذين من قبلهم والكبت هو الغيظ ويقال أحزنوا وقال الزجاج أذلوا وغلبوا " وقد أنزلنا آيات بينات " يعني القرآن فيه بيان أمره ونهيه ويقال " آيات " واضحات " وللكافرين عذاب مهين " يهانون فيه
ثم قال " يوم يبعثهم الله جميعا " " يوم " صار نصبا لنزع الخافض يعني لهم عذاب مهين في " يوم يبعثهم الله جميعا " الأولين والآخرين يبعثهم الله من قبورهم " فينبئهم بما عملوا " من خير أو شر ليعلموا وجوب الحجة عليهم " أحصاه الله ونسوه " يعني حفظ الله عليهم أعمالهم وهم نسوا أعمالهم ويقال " ونسوه " يعني وتركوا العمل في الدنيا " والله على كل شيء شهيد " يعني شاهدا بأعمالهم
ثم قال " ألم تر أن الله يعلم " يعني ألم تعلم اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به التقرير يعني أنك تعلم ويقال معناه إني أعلمتك أن الله يعلم " ما في السموات وما في الأرض "
يعني يعلم سر أهل السموات وسر أهل الأرض " ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم " يعني لا يتناجى ثلاثة فيما بينهم ولا يتكلمون فيما بينهم بكلام الشر إلا هو رابعهم لأنه يعلم ما يقولون فيما بينهم
" ولا خمسة إلا هو سادسهم " يعني كان هو سادسهم لأنه يعلم ما يقولون فيما بينهم " ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم " يعني عالم بهم وبأحوالهم " أينما كانوا " في الأرض
" ثم ينبئهم بما عملوا " يعني يخبرهم بما عملوا يوم القيامة من خير أو شر
وذلك أن نفرا كانوا يتناجون عند الكعبة قال بعضهم لبعض لا ترفعوا أصواتكم حتى لا يسمع رب محمد صلى الله عليه وسلم
ويقال إن المنافقين واليهود كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين فينظرون نحو المؤمنين فإذا رأوهم ينظرون نحوهم تركوا كلامهم فأخبرهم الله تعالى أن الله يعلم ما يقولون فيما بينهم ونهاهم أن يتناجوا فيما بينهم دون المؤمنين
فامتنعوا عن ذلك ثم عادوا إلى النجوى فنزل " إن الله بكل شيء عليم " ثم نزل " ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى " يعني عن قول السر فيما بينهم " ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم " يعني بالكذب " والعدوان " يعني بالجور والظلم " ومعصية الرسول " يعني خلاف أمر الله وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم
قرأ حمزة " وينتجون " والباقون "
ويتناجون " وهما لغتان يقال تناجى القوم وانتجوا
ثم قال " وإذا جاؤوك " يعني إذا جاءك اليهود " حيوك بما لم يحيك به الله " وذلك


الصفحة التالية
Icon