٤٠٨
واحدة
" وقلوبهم شتى " يعني قلوب اليهود مختلفة ولم يكونوا على كلمة واحدة
" ذلك بأنهم " يعني ذلك الاختلاف بأنهم " قوم لا يعقلون " يعني لا يعقلون أمر الله تعالى
سورة الحشر ١٥ - ١٧
ثم ضرب لهم مثلا فقال عز وجل " كمثل الذين من قبلهم " يعني مثل بني النضير مثل الذين من قبلهم يعني أهل بدر
" قريبا " يعني كان قتال بدر قبل ذلك بقريب وهو مقدار سنتين أو نحو ذلك
" ذاقوا وبال أمرهم " يعني عقوبة ذنبهم " ولهم عذاب أليم " يعني عذابا شديدا في الآخرة
ثم ضرب لهم مثلا آخر وهو مثل المنافقين مع اليهود حين خذلوهم ولم يعينوهم
" كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر " يعني برصيصا الراهب
وروى عدي بن ثابت عن ابن عباس قال كان في بني إسرائيل راهب عبد الله تعالى زمانا من الدهر حتى كان يؤتى بالمجانين فيعودهم ويداويهم فيبرؤون على يديه
وأنه أتى بامرأة قد جنت وكان لها أخوة فأتوه بها فكانت عنده فلم يزل به الشيطان يخوفه ويزين له حتى وقع عليها فحملت
فلما استبان حملها لم يزل به الشيطان يخوفه ويزين له حتى قتلها ودفنها
ثم ذهب الشيطان إلى إخوتها في صورة رجل حتى لقي أحدا من أخوتها فأخبره بالذي فعل الراهب وأنه دفنها في مكان كذا
فبلغ ذلك إلى ملكهم فسار الملك مع الناس فأتوه فاستنزلوه فأقر لهم بالذي فعل فأمر به فصلب
فلما رفع على خشبة تمثل له الشيطان فقال أنا الذي زينت لك هذا وألقيتك فيه فهل لك أن تطيعني فيما أقول لك وأخلصك مما أنت فيه فقال نعم
قال اسجد لي سجدة واحدة
فسجد له فذلك قوله " كمثل الشيطان إذا قال للإنسان اكفر " يعني اسجد " فلما كفر " يعني سجد
" قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين " قال ذلك على وجه الاستهزاء كذلك المنافقون خذلوا اليهود كما خذل الشطيان الراهب " فكان عاقبتهما " يعني عاقبة الشيطان والراهب " أنهما في النار خالدين فيها " يعني مقيمين فيها
وكان ابن مسعود يقرأ " خالدان فيها " وقراءة العامة " خالدين فيها " بالنصب
وإنما هو نصب على الحال
" وذلك جزاء الظالمين " يعني الخلود في النار جزاء المنافقين والكافرين