٤٩٦
سورة المدثر ٥٥ - ٥٦
ثم قال " كل نفس بما كسبت رهينة " يعني كل كافر مرتهن بعمله " إلا أصحاب اليمين " يعني لكن أصحاب اليمين فإنهم ليسوا مرتهنين بعملهم يعني الذين أعطوا كتابهم بأيمانهم
ويقال هم الذين عن يمين العرش ويقال " كل نفس بما كسبت رهينة " عند المحاسبة إلا أصحاب اليمين
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه هم أطفال المسلمين يعني ليس عليهم حساب لأنهم لم يعملوا شيئا
ثم قال " في جنات يتساءلون " يعني إنهم في بساتين يتساءلون " عن المجرمين " يعني يرون أهل النار يسألونهم " ما سلككم في سقر " يعني ما الذي سلككم أدخلكم في سقر فأجابهم أهل النار " قالوا لم نك من المصلين " يعني لم نك نقر بالصلاة ولم نؤدها " ولم نك نطعم المسكين " يعني كنا لا نقر بالفرائض والزكاة ولا نؤديها
" وكنا نخوص مع الخائضين " يعني كنا نستهزئ بالمسلمين ونخوض بالباطل ونرد الحق مع المبطلين المستهزئين " وكنا نكذب بيوم الدين " يعني بيوم الحساب " حتى أتانا اليقين " يعني الموت والقيامة
قوله تعالى " فما تنفعهم شفاعة الشافعين " يعني لا تنالهم شفاعة الأنبياء وشفاعة الملائكة " فما لهم عن التذكرة معرضين " فما للمشركين يعرضون عن القرآن والتوحيد " كأنهم حمر مستنفرة " يشبههم بالحمر الوحشية المذعورة حين فروا من القرآن وكذبوا به
قرأ نافع وابن عامر " مستنفرة " بنصب الفاء والباقون بالكسر
فمن قرأ بالنصب فمعناه نافرة فإن الصائد نفرها ومن قرأ بالكسر ومعناه نافرة ويقال نفر واستنفر بمعنى واحد
ثم قال " فرت من قسورة " فقال أبو هريرة يعني الأسد
وقال سعيد بن جبير القناص يعني الصيادين
وقال قتادة القسورة النبل يعني الرمي بالسهام ويقال هو حس الناس وأصواتهم
ثم قال عز وجل " بل يريد كل امرئ منهم " يعني أهل مكة " أن يؤتى صحفا منتشرة " وذلك أن كفار مكة قالوا إن الرجل من بني إسرائيل إذا أذنب ذنبا يصبح وذنبه وكفارته مكتوب عند رأسه فهل ترينا مثل ذلك إن كنت رسولا فنزل " بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة " يعني صحفا مكتوبة فيها جرمه وتوبته
ويقال نزلت في شأن عبد الله بن أمية المخزومي حين قال لن نؤمن حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه
قال الله تعالى " كلا " يعني لا يكون هذا أبدا
ثم ابتداء فقال " بل لا يخافون الآخرة " يعني البعث لكن لا يخافون عذاب الآخرة " كلا إنها تذكرة " يعني حقا إن القرآن عظة للخلق " فمن شاء ذكره " يعني من شاء أن يتعظ به فليتعظ " وما يذكرون إلا أن