٥٠٠
قوله عز وجل " بل الإنسان على نفسه بصيرة " يعني جوارح العبد شاهدة عليه
ومعناه على الإنسان من نفسه شاهد عليه يشهد كل عضو بما فعل
ويقال يعني جوارح العبد شاهدة عليه ومعناه رقيب بعضها على بعض
والبصيرة أدخلت فيها الهاء للمبالغة كما يقال رجل علامة
وقال الحسن في قوله " على نفسه بصيرة " يعني بصيرا بعيوب غيره جاهلا بعيوب نفسه " ولو ألقى معاذيره " يعني ولو تكلم بعذر لم يقبل منه
ويقال ولو أرخى ستوره يعني أنه شاهد على نفسه وإن أذنب في الستور
سورة القيامة ١٦ - ١٩
قوله تعالى " لا تحرك به لسانك " يعني لا تعجل بقراءة القرآن من قبل أن يفرغ جبريل عليه السلام من قراءته وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال كان رسول الله إذا نزل عليه القرآن تعجل به للحفظ فنزل " لا تحرك به لسانك " " لتعجل به إن علينا جمعه " يعني حفظه في قلبك " وقرآنه " يعني يقرأ عليك جبريل حتى تحفظه " فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " يعني إذا قرأ عليك جبريل فاقرأ أنت بعد قراءته وفراغه
وقال محمد بن كعب " فاتبع قراءته " يعني فاتبع حلاله وحرامه
وقال الأخفش " إن علينا جمعه وقراءته " يعني تأليفه " فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " يعني تأليفه " ثم إن علينا بيانه " يعني بيان أحكامه وحدوده
ويقال " علينا بيانه " يعني شرحه
ويقال بيان فرائضه كما بين على لسان النبي صلى الله عليه وسلم
سورة القيامة ٢٠ - ٣٠
ثم قال عز وجل " كلا بل تحبون العاجلة " يعني تحبون العمل للدنيا " وتذرون الآخرة " يعني تتركون العمل للآخرة
قرأ ابن كثير وأبو عمرو " بل يحبون " بالياء على معنى الخبر عنهم
والباقون بالتاء على معنى المخاطبة
ثم بين حال ذلك اليوم فقال " وجوه يومئذ ناضرة " أي حسنة مشرقة مضيئة كما قال في آية أخرى " تعرف في وجوههم نضرة النعيم " [ المطففين ٢٤ ] " وإلى ربها ناظرة " يعني ناظرين يومئذ إلى الله تبارك وتعالى
وقال مجاهد " إلى ربها ناظرة " يعني تنتظر الثواب من ربها
وهذا القول لا يصح لأنه مقيد بالوجه موصول بإلى ومثل هذا لا يستعمل في الانتظار وعلى أن الانتظار موت الأبرار