٥٢٦
قوله " ثم أماته فأقبره " يعني جعل له قبرا يوارى فيه
ويقال أمر به ليعتبر ويقال " فأقبره " أي جعله ممن يقبر ولم يجعله ممن يلقى على وجه الأرض كالبهائم " ثم إذا شاء أنشره " يعني يبعثه في القبر إذا جاء وقته
ثم قال " كلا لما يقض ما أمره " يعني لم يؤد ما أمره من التوحيد و " ما " هنا صلة كقوله " فبما رحمة من الله " [ آل عمران ١٥٩ ]
وقال مجاهد " لما يقضي ما أمره " يعني لا يقضي أحدا أبدا كما افترض عليه
ثم أمرهم بأن يعتبروا بخلقه فقال تعالى " فلينظر الإنسان إلى طعامه " يعني إلى رزقه ومن أي شيء يرزقه فليعتبر به " أنا صببنا الماء صبا " يعني المطر
قرأ أهل الكوفة " أنا صببنا " بنصب الألف والباقون بالكسر
فمن قرأ بالنصب جعله بدلا عن الطعام يعني " فلينظر الإنسان إلى طعامه " أي " أنا صببنا الماء صبا " ومن قرا بالكسر فهو على الاستئناف " أنا صببنا الماء صبا " يعني المطر على الأرض بعد المطر
" ثم شققنا الأرض شقا " يعني شققناها بالنبات والشجر " فأنبتا فيها حبا وعنبا " يعني في الأرض ومعناه أخرجنا من الأرض " حبا " يعني الحبوب كلها " وعنبا " يعني الكروم " وقضبا " قال ابن عباس يعني الفصة وهي القت الرطب
وقال القتبي القضب القت سمي قضبا لأنه يقضب مرة بعد مرة أي يقطع
وكذلك القصيل لأنه يقصل أي يقطع
ويقال " وقضبا " يعني جميع ما يقضب مثل القت والكرات وسائر البقول التي تقطع فينبت من أصله " وزيتونا " وهي شجرة الزيتون " ونخلا " يعني النخيل " وحدائق غلبا " قال عكرمة غلاظ الرقاب
ألا ترى أن الرجل إذا كان غليظ الرقبة يقال له أغلب والحدائق واحدها حديقة " غلبا " أي نخلا غلاظا طوالا
ويقال " حدائق غلبا " يعني حيطان النخيل والشجر
وقال الكلبي كل شيء أحيط عليه من نخيل أو شجر فهو حديقة وما لم يحط به فليس بحديقة
ويقال الشجر يعني ملتف بعضه ببعض
ثم قال عز وجل " وفاكهة وأبا " ويعني الثمر كلها وروي عن النبي ﷺ أنه قال ( خلقتم من سبع ورزقتم من سبع فاسجدوا لله على سبع ) وإنما أراد بقوله ( خلقتم من سبع ) يعني من نطفة ثم من علقه الآية ( والرزق من سبع ) وهو قوله " فأنبتنا فيها حبا وعنبا " إلى قوله " وفاكهة " ثم قال " وأبا " يعني العنب وقال مجاهد ما يأكل الدواب والأنعام
وقال الضحاك هو التبن
" متاعا لكم ولأنعامكم " يعني الحبوب والفواكه منفعة لكم والكلأ والعشب منفعة لأنعامكم
سورة عبس ٣٣ - ٣٦


الصفحة التالية
Icon