٥٤٣
فانطلقوا به حتى إذا كانوا في وسط اللجة فلما أرادوا به ذلك فقال اللهم اكفينيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا
فجاء الغلام حتى قام بين يدي الملك فأخبره بالذي كان فقال انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا فإذا كنتم في ذروة الجبل فدهدهوه عنه فانطلقوا به حتى إذا كانوا بذلك المكان فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فدهدهوا عن الجبل يمينا وشمالا فجاء حتى قام بين يدي الملك فأخبره بالذي كان وقال للملك إنك لن تقدر على قتلي حتى تفعل بي ما آمرك به
فقال وما هو قال تجمع أهل مملكتك في صعيد واحد ثم تصلبني وتأخذ سهما من كتابي فترميتي به وتقول بسم الله رب هذا الغلام ففعل وأخذ سهما من كنانته فرمى به وقال بسم الله رب هذا الغلام فأصاب صدغه فوضع يده على صدغه فمات
فقال الناس آمنا برب هذا الغلام فقيل للملك وقعت فيما كنت تحاذر وقد أسلم الناس
فقال خذوا يا قوم الطريق وحدوا فيها أخدودا وألقوا فيها النار
فمن رجع عن دينه وإلا فألقوه فيها ففعلوا
فجعل الناس يجيئون ويلقون أنفسهم في الأخدود حتى كان آخرهم امرأة ومعها صبي لها رضيع تحمله فلما دنت من النار وجدت حرها فولت فقال لها الصبي يا أماه امضي فإنك على الحق فرجعت وألقت نفسها في النار
فذلك قوله عز وجل " قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود "
وروي في خبر آخر أن الملك كان على دين اليهودية ويقال له ذو نواس واسمه زرعة ملك حمير وما حولها
فكان هناك قوم دخلوا في دين عيسى فحفر لهم أخدودا فأوقد فيها النار وألقاهم في الأخدود فحرقهم وحرق كتبهم
ويقال كان الذين على دين عيسى بأرض نجران فسار إليهم من أرض حمير حتى أحرقهم وأحرق كتبهم فأقبل منهم رجل فوجد مصحفا فيها وإنجيلا محترقا بعضه فخرج به حتى أتى به ملك الحبشة فقال له إن أهل دينك قد أوقدت لهم النار فأحرقوا بها وحرقت كتبهم وهذه بعضه
ففزع الملك لذلك وبعث إلى صاحب الروم وكتب إليه يستمده بنجارين يعملون له السفن
فبعث إليه صاحب الروم من يعمل له السفن فحمل فيها الناس وسافر بهم
فخرجوا ما بين ساحل عدن إلى ساحل جازان وخرج إليهم أهل اليمن فلقوهم بتهامة واقتتلوا فلم ير ملك حمير له بهم طاقة وتخوف أن يأخذوه فضرب فرسه حتى وقع في البحر فمات فيه
فاستولى أهل الحبشة على ملك حمير وما حوله وبقي الملك لهم إلى وقت الإسلام
وروي في الخبر أن الغلام الذي قتله الملك دفن فوجد ذلك الغلام في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه واضعا يده على صدغه كما كان وضعها حين قتل وكلما أخذت يده