٦٩
قوله عز وجل " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك " وذلك أن المهاجرين نزلوا في ديار الأنصار فضاقت الدور عليهم وكن النساء يخرجن بالليل إلى التخلي يقضين حوائجهن وكان الزناة يرصدون في الطريق المؤمنات وكانوا يطلبون الولائد ولم يعرفوا المرأة الحرة من الأمة بالليل
فأمر الحرائر بأخذ الجلباب
وقال الحسن كن النساء والإماء بالمدينة يقال لهن كذا وكذا يخرجن فيتعرض لهن السفهاء فيؤذونهن فكانت الحرة تخرج فيحسبون أنها أمة ويؤذونها فأمر الله تعالى المؤمنات " أن يدنين عليهم من جلابيبهن "
وقال القتبي يلبسن الأردية
ويقال يعني يرخين الجلابيب على وجههن
وقال مجاهد " يدنين عليهن من جلابيبهن " يعني متجلببين ليعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبة
" ذلك أدنى " يعني أحرى أن يعرفن الحرائر " فلا يؤذين " " وكان الله غفورا رحيما " إذا تابوا ورجعوا
سورة الأحزاب ٦٠ - ٦٢
ثم أوعد المنافقين وخوفهم لينزجروا عن الحرائر والإماء فقال عز وجل " لئن لم ينته المنافقون " عن نفاقهم " والذين في قلوبهم مرض " يعني الميل إلى الزنى إن لم يتوبوا عن ذلك " والمرجفون في المدينة " يعني الذي يخبرون بالأراجيف
وكانوا يخبرون المؤمنين بما يكرهون من أمر عدوهم
والأراجيف هي أول الأخبار وأصل الرجف هو الحركة فإذا وقع خبر الكذب فإنه يقع الحركة بالناس فسمي إرجافا
ويقال الأراجيف تلقح الفتنة يعني إن لم ينتهوا عن النفاق وعن والفجور وعن القول بالأراجيف
" لنغرينك بهم " يعني لنسلطنك عليهم ويقال لنحملنك على قتلهم
وروى سفيان عن منصور عن أبي رزين قال " لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة " فإن هذا كله شيء واحد
يعني أنه نعتهم بأعمالهم الخبيثة
" ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا " يعني لا يساكنونك في المدينة إلا قليلا حتى أهلكهم
ويقال إلا جوارا قليلا ويقال إلا قليلا منهم
وقال قتادة إن أناسا من المنافقين أرادوا أن يظهروا نفاقهم فنزلت هذه الآية
ثم قال عز وجل " ملعونين أينما ثقفوا " يعني يجعلهم ملعونين أينما وجدوا فأوجب الله تعالى لهم اللعنة على كل حال أينما وجدوا وأدركوا " أخذوا وقتلوا تقتيلا " فلما سمعوا بالقتل انتهوا عن ذلك
قوله عز وجل " سنة الله في الذين خلو من قبل " يعني سنة الله في الزناة القتل