٧٧
الطير
والثاني أنه عطف على قوله " ولقد آتينا داود منا فضلا " وآتيناه الطير يعني وسخرنا له الطير
والثالث أن النداء إذا كان على أثره اسم فكان الأول بغير الألف واللام والثاني بالألف واللام فإنه في الثاني بالخيار إن شاء نصبه وإن شاء رفعه والنصب أكثر كما قال الشاعر
( ألا يا زيد والضحاك سيرا % فقد جاوزتما خمر الطريق )
ورفع زيدا لأنه نداء مفرد ونصب الضحاك بإدخال الألف واللام
ثم قال عز وجل " وألنا له الحديد " يعني جعلنا له الحديد مثل العجين " أن اعمل سابغات " يعني قلنا له اعمل الدروع الواسعة وكان قبل ذلك صفائح الحديد مضروبة
ثم قال " وقدر في السرد " قال السدي " السرد " المسامير التي في حلق الدروع
وقال مجاهد " وقدر في السرد " أي لا تدق المسامير فتقلقل في الحلقة ولا تغلظها فتقصمها واجعله قدرا بين ذلك
وقال في رواية الكلبي هكذا وقال بعضهم هذا لا يصح لأن الدروع التي عملها داود عليه السلام بغير مسامير لأنها كانت معجزة له ولو كان محتاجا إلى المسمار لما كان بينه وبين غيره فرق
وقد يوجد من بقايا تلك الدروع بغير مسامير ولكن معنى قوله " وقدر في السرد " أي قدر في نسجها وطولها وعرضها وضيقها وسعتها
ويقال " قدر " في تأليفه
والسرد في اللغة تقدمة الشيء إلى الشيء يأتي متسقا بعضه في أثر بعض متتابعا
ويقال سرد في الكلام إذا ذكره بالتأليف ومنه قيل لصانع الدروع سردا وزراد يبدل من السين الزاي
ثم قال " واعملوا صالحا " يعني أدوا فرائضي وقد خاطبه بلفظ الجماعة كما قال " يا أيها الرسل كلوا من الطيبيات " [ المؤمنون ٥١ ] وأراد به النبي ﷺ خاصة
ويقال إنه أراد به داود وقومه " إني بما تعملون بصير " يعني عالم
سورة سبأ ١٢ - ١٤
قوله عز وجل " ولسليمان الريح " قرأ عاصم في رواية أبي بكر " الريح " بالضم وقرأ الباقون بالنصب
فمن قرأ بالنصب فمعناه " وسخرنا لسليمان الريح " كما اتفقوا في سورة الأنبياء ومن قرأ بالضم فمعناه " ولسليمان الريح " مسخرة يكون رفعا على معنى الخبر