٩١
نجاة لهم منها " وأخذوا من مكان قريب "
روي عن الكلبي أنه قال نزلت الآية في قوم يقال لهم السفيانية يخرجون في آخر الزمان عددهم ثلاثون ألف رجل إلى أن يبلغوا أرض الحجاز فافترقوا فرقتين فتقدمت فرقة إلى موضع يقال له بيداء صاح بهم جبريل عليه السلام صيحة فخسف بهم الأرض كلهم إلا واحدا منها ينجو فيحول وجهه إلى خلفه فيرجع إلى الفرقة الأخرى فيخبرهم بما أصابهم يعني ولو ترى يا محمد فزعهم حين صاح بهم جبريل عليه السلام " فلا فوت " أي لا يفوت منهم فائت " وأخذوا من مكان قريب " يعني خسف بهم بالبيداء بقرب مكة
ويقال يعني يوم القيامة
" ولو ترى " يا محمد " إذ فزعوا " حين نزل بهم العذاب يوم القيامة " فلا فوت وأخذوا من مكان قريب " كما قال " وبرزت الجحيم " [ النازعات ٣٦ ]
وقال الحسن " ولو ترى إذ فزعوا " من قبورهم يوم القيامة وقال الضحاك يعني يوم بدر
ثم قال عز وجل " وقالوا آمنا به " يعني بالعذاب حين رأوه يقول الله تعالى " وأنى لهم التناوش " يعني من أين لهم التوبة ويقال من أين لهم الرجفة
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم في إحدى الروايتين " التناؤش " بالهمز وقرأ الباقون بغير همز
فمن قرأ بالهمز فهو من التناوش وهو الحركة في إبطاء والمعنى من أين لهم أن يتحركوا فيما لا حيلة لهم
ومن قرأ بغير همز فهو من التناول ويقال تناول إذا مد يده إلى شيء ليصل إليه وتناوش يده إذا مد يده إلى شي لا يصل إليه
ثم قال " من مكان بعيد " يعني من الآخرة إلى الدنيا
وروي عن ابن عباس أنه قال " من مكان بعيد " قال سألوا الرد حين لا رد
ثم قال عز وجل " وقد كفروا به من قبل " يعني كفروا بالله من قبل الموت ويقال " به " يعني بمحمد ﷺ ويقال بالقرآن " ويقذفون بالغيب " يعني يتكلمون بالظن في الدنيا " من مكان بعيد " أنه لا جنة ولا نار ولا بعث
ثم قال " وحيل بينهم وبين ما يشتهون " يعني من الرجعة إلى الدنيا ويقال من التوبة
كيف ينالون التوبة في هذا الوقت وقد كفروا به من قبل
ثم قال " كما فعل بأشياعهم من قبل " يعني بأهل دينهم الأقدمون الأولون من قبل والأشياع جمع الجمع
يقال شيعة وشيع وأشياع
ثم قال " إنهم كانوا في شك مريب " يعني هم في شك مما نزل بهم " مريب " يعني إنهم لا يعرفون شكهم
وقال القتبي في قوله " فلا فوت " يعني لا مهرب ولا ملجأ وهذا مثل قوله " فنادوا ولات حين مناص " [ ص ٣ أي نادوا حين لا مهرب والله أعلم