٩٤
سورة فاطر ٦ - ٨
ثم قال عز وجل " يا أيها الناس " يعني يا أهل مكة " إن وعد الله حق " يعني البعث بعد الموت حق كائن " فلا تغرنكم الحياة الدنيا " يعني حياتكم في الدنيا والدنيا في الأصل هي القربى سميت بهذا لأن حياتهم صارت هذه أقرب إليهم
ويقال هي فعلى من الأدون يعني حياة الأدون " ولا يغرنكم بالله الغرور " يعني الباطل وهو الشيطان
قال الفقيه أبو الليث رحمه الله حدثني أبي قال حدثنا أبو الحسن الفراء الفقيه السمرقندي قال حدثنا أبو بكر الجرجاني الإمام بسمرقند ذكر بإسناده عن العلاء بن زياد
قال رأيت الدنيا في النوم امرأة قبيحة عمشاء عليها من كل زينة فقلت من أنت أعوذ بالله منك فقالت أنا الدنيا فإن سرك أن يعيذك الله مني فأبغض الدراهم يعني لا تمسكها عن النفقة في موضع الحق
ثم قال عز وجل " إن الشيطان لكم عدو " يعني حين يأمركم بالكفر ومن عداوته مع أبيكم ترك طاعة الله " فاتخذوه عدوا " يعني فعادوه بطاعة الله
ومعناه أطيعوا الله عز وجل لأنك إذا أطعت الله فقد اتخذت الشيطان عدوا " إنما يدعو حزبه " يعني شيعته إلى الكفر " ليكونوا من أصحاب السعير " يعني من أهل النار
ثم بين مصير من أطاع الشيطان ومصير من عصاه فقال " الذين كفروا " يعني جحدوا بوحدانية الله عز وجل " لهم عذاب شديد " في الآخرة " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " يعني صدقوا بوحدانية الله وعملوا الطاعات واتخذوا الشيطان عدوا " لهم مغفرة " في الدنيا لذنوبهم " وأجر كبير " يعني ثوابا حسنا في الجنة
قوله عز وجل " أفمن زين له سوء عمله " يعني قبيح عمله " فرآه حسنا " يعني يظنه حقا
والجواب فيه مضمرا يعني أفمن زين له سوء عمله كمن لم يزين له ذلك وقال الزجاج " أقمن زين له سوء عمله " يعني أبا جهل وأصحابه كمن لم يزين له ذلك وهداه الله تعالى
ثم قال " فإن الله يضل من يشاء " عن دينه " ويهدي من يشاء " لدينه " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " قال القتبي هذا من الإضمار
يعني ذهبت نفسك حسرة عليهم فلا تذهب نفسك عليهم حسرات بتركهم الإيمان
وقرئ في الشاذ " فلا تذهب " بضم التاء وكسر الهاء