٩٩
ثم قال " إن أنت إلا نذير " يعني ما أنت إلا رسول " إنا أرسلناك بالحق " يعني بالقرآن ويقال لبيان الحق " بشيرا ونذيرا " وقد ذكرناه " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير " يعني وما من أمة فيما مضى إلا فيهم نذير
يعني إلا جاءهم رسول
ثم قال " وإن يكذبوك " يا محمد " فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات " يعني بالأمر والنهي " وبالزبر " يعني بالكتب وبأخبار من كان قبلهم " وبالكتاب المنير " يعني المضيء الكتاب هو نعت لما سبق ذكره من البينات والزبر " ثم أخذت الذين كفروا " يعني الذين كذبوهم فعاقبتهم " فكيف كان نكير " يعني كيف كان إنكاري وتغييري عليهم
سورة فاطر ٢٧ - ٢٨
ثم ذكر خلقه ليعتبروا به ويوحدوه فقال عز وجل " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء " يعني المطر " فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها " من الثمار الأحمر والأصفر والحلو والحامض " ومن الجبال جدد بيض " يعني خلق من الجبال جددا يعني جماعة الجدة والجدة هي الطريق التي في الجبل والجدد هي الطرائق فترى الطريق من البعد منها بيض وبعضها حمر
وقال القتبي الجدد الخطوط والطرق تكون في الجبال فبعضها بيض وبعضها حمر وبعضها " غرابيب سود " وهو جمع غربيب وهو الشديد السواد ويقال أسود غربيب
ثم قال عز وجل " ومن الناس والدواب " يعني خلق من الناس والدواب " والأنعام مختلف ألوانه كذلك " قال بعضهم إنما يتم الكلام عند قوله " كذلك " يعني من الناس والدواب والأنعام " مختلفا ألوانه " كذلك كاختلاف الثمرات
ثم استأنف فقال " إنما يخشى الله من عباده العلماء " قال بعضهم تم الكلام عند قوله " مختلف ألوانه " ثم استأنف فقال " كذلك إنما يخشى الله " يعني هكذا يخشى الله من عباده العلماء
يعني لأن العلماء يعلمون خلق الله تعالى ويتفكرون في خلقه ويعملون ثوابه وعقابه فيخشونه ويعلمون بالطاعة طمعا لثوابه ويمتنعون عن المعاصي خشية عقابه
وقال مقاتل أشد الناس خشية أعلمهم بالله تعالى فيها تقديم
وروى سفيان عن بعض المشيخة عن النبي ﷺ أنه سئل يا رسول الله أينا أعلم فقال ( أخشاكم لله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء ) قالوا يا رسول الله فأي الأصحاب أفضل قال ( الذي إذا ذكرت أعانك وإذا نسيت ذكرك ) قالوا فأي الأصحاب شر قال ( الذي إذا ذكرت لم يعنك وإذا نسيت لم يذكرك ) قالوا فأي الناس شر قال ( اللهم اغفر للعلماء
والعالم إذا فسد فسد الناس )
ثم قال " إن الله عزيز " في ملكه " غفور " لمن تاب