" صفحة رقم ١٢٩ "
الرحيم بالمؤمنين في الهداية لهم واللطف بهم وقال المحاسبي : برحمة النفوس ورحمة القلوب. وقال يحيى بن معاذ : لمصالح المعاد والمعاش. وقال الصادق : خاص اللفظ بصيغة عامة في الرزق وعام اللفظ بصيغة خاصة في مغفرة المؤمن. وقال ثعلب : الرحمن أمدح والرحيم ألطف وقيل : الرحمن المنعم بما لا يتصور جنسه من العباد والرحيم المنعم بما يتصور جنسه من العباد. وقال أبو علي الفارسي : الرحمن اسم عام في جميع أنواع الرحمة يختص به الله والرحيم إنما هو في جهة المؤمنين كما قال تعالى :) وكان بالمؤمنين رحيما الأحزاب ). ووصف الله تعالى بالرحمة مجاز عن إنعامة على عباده ألا ترى أن الملك إذا عطف على رعيته ورق لهم أصابهم إحسانه فتكون الرحمة إذ ذاك صفة فعل ؟ وقال قوم : هي إرادة الخير لمن أراد الله تعالى به ذلك فتكون على هذا صفة ذات وينبني على هذا الخلاف خلاف أخر وهو أن صفات الله تعالى الذاتية والفعلية أهي قديمة أم صفات الذات قديمة وصفات الفعل محدثة قولان ؟ وأما الرحمة التي من العباد فقيل هي رقة تحدث في القلب وقيل هي قصد الخير أو دفع الشر لأن الإنسان قد يدفع الشر عمن لا يرق عليه ويوصل الخير إلى من لا يرق عليه.
وفي البسملة من ضروب البلاغة نوعان :
أحدهما : الحذف وهو ما يتعلق به الباء في بسم وقد مر ذكره والحذف قيل لتخفيف اللفظ كقولهم بالرفاء والبنين باليمن والبركة فقلت إلى الطعام وقوله تعالى في تسع آيات أي أعرست وهلموا واذهب قال أبو القاسم السهيلي : وليس كما زعموا إذ لو كان كذلك كان إظهاره وإضماره في كل ما يحذف تخفيفا ولكن في حذفه فائدة وذلك أنه موطن ينبغي أن لا يقدم فيه سوى ذكر الله تعالى فلو ذكر الفعل وهو لا يستغني عن فاعله لم يكن ذكر الله مقدما وكان في حذفه مشاكلة اللفظ للمعنى كما تقول في الصلاة الله أكبر ومعناه من كل شيء ولكن يحذف ليكون اللفظ في اللسان مطابقا لمقصود القلب وهو أن لا يكون في القلب ذكر إلا الله عز وجل. ومن الحذف أيضا حذف الألف في بسم الله وفي الرحمن في الخط وذلك لكثرة الاستعمال.
النوع الثاني : التكرار في الوصف ويكون إما لتعظيم الموصوف أو للتأكيد ليتقرر في النفس. وقد تعرض المفسرون في كتبهم لحكم التسمية في الصلاة وذكروا اختلاف العلماء في ذلك وأطالوا التفاريع في ذلك وكذلك فعلوا في غير ما آية وموضوع هذا كتب الفقه وكذلك تكلم بعضهم على التعوذ وعلى حكمه وليس من القرآن بإجماع. ونحن في كتابنا هذا لا نتعرض لحكم شرعي إلا إذا كان لفظ القرآن يدل على ذلك الحكم أو يمكن استنباطه منه بوجه من وجوه الاستنباطات. واختلف في وصل الرحيم بالحمد فقرأ قوم من الكوفيين بسكون الميم ويقفون عليها ويبتدئون بهمزة مقطوعة والجمهور على جر الميم ووصل الألف من الحمد. وحكى الكسائي عن بعض العرب


الصفحة التالية
Icon