" صفحة رقم ١٤٨ "
الرسول وروي عن المتصوفة تقييدات كثيرة غير هذه وليس في اللفظ ما يدل على تعيين قيد. واختلف هل لله نعمة على الكافر ؟ فأثبتها المعتزلة ونفاها غيرهم. وموضع عليهم نصب وكذا كل حرف جر تعلق بفعل أو ما جرى مجراه غير مبني للمفعول. وبناء أنعمت للفاعل استعطاف لقبول التوسل بالدعاء في الهداية وتحصيلها أي طلبنا منك الهداية إذ سبق إنعامك فمن إنعامك إجابة سؤالنا ورغبتنا كمثل أن تسأل من شخص قضاء حاجة وتذكره بأن من عادته الإحسان بقضاء الحوائج فيكون ذلك آكد في اقتضائها وأدعى إلى قضائها. وانقلاب الفاعل مع المضمر هي اللغة الشهرى ويجوز إقرارها معه على لغة ومضمون هذه الجملة طلب استمرار الهداية إلى طريق من أنعم الله عليهم لأن من صدر منه حمد الله وأخبر بأنه يعبده ويستعينه فقد حصلت له الهداية لكن يسأل دوامها واستمرارها.
( غير ( مفرد مذكر دائما وإذا أريد به المؤنث جاز تذكير الفعل حملا على اللفظ وتأنيثه حملا على المعنى ومدلوله المخالفة بوجه ما وأصله الوصف ويستثنى به ويلزم الإضافة لفظا أو معنى وإدخال أل عليه خطأ ولا يتعرف وإن أضيف إلى معرفة. ومذهب ابن السراج أنه إذا كان المغاير واحدا تعرف بإضافته إليه وتقدم عن سيبويه أن كل ما إضافته غير محضة قد يقصد بها التعريف فتصير محضة فتتعرف إذ ذاك غير بما تضاف إليه إذا كان معرفة وتقرير هذا كله في كتب النحو. وزعم البيانيون أن غير أو مثلا في باب الإسناد إليهما مما يكاد يلزم تقديمه قالوا نحو قولك غيرك يخشى ظلمه ومثلك يكون للمكرمات ونحو ذلك مما لا يقصد فيه بمثل إلى إنسان سوى الذي أضيف إليه ولكنهم يعنون أن كل من كان مثله في الصفة كان من مقتضى القياس وموجب العرف أن يفعل ما ذكر وقوله :
غيري بأكثر هذا الناس ينخدع
غرضه أنه ليس ممن ينخدع ويغتر وهذا المعنى لا يستقيم فيهما إذا لم يقدما نحو : يكون للمكرمات مثلك وينخدع بأكثر هذا الناس غيري فأنت ترى الكلام مقلوبا على جهته.
( المغضوب عليهم ( الغضب : تغير الطبع لمكروه وقد يطلق على الإعراض لأنه من ثمرته. لا حرف يكون للنفي وللطلب وزائدا ولا يكون إسما خلافا للكوفيين. ) ولا الضالين ( والضلال : الهلاك والخفاء ضل اللبن في الماء وقيل أصله الغيبوبة في كتاب لا يضل ربي طه وضللت الشيء جهلت المكان الذي وضعته فيه وأضللت الشيء ضيعته وأضل أعمالهم محمد وضل غفل ونسي وأنا من الضالين الشعراء ) أن تضل إحداهما البقرة ( والضلال سلوك سبيل غير القصد ضل عن الطريق سلك غير جادتها والضلال الحيرة والتردد ومنه قيل لحجر أملس يردده الماء في الوادي ضلضلة وقد فسر الضلال في القرآن بعدم العلم بتفصيل الأمور وبالمحبة وسيأتي ذلك في مواضعه والجر في غير قراءة الجمهور. وروى الخليل عن ابن كثير النصب وهي قراءة عمر وابن مسعود و علي و عبد الله بن الزبير. فالجر على البدل من الذين عن أبي علي أو من الضمير في عليهم وكلاهما ضعيف لأن غير أصل وضعه الوصف والبدل بالوصف ضعيف أو على النعت عن سيبويه ويكون إذ ذاك غير تعرفت بما أضيفت إليه إذ هو معرفة على ما نقله سيبويه في أن كل ما أضافته غير محضة قد تتمحض فيتعرف إلا في الصفة المشبهة أو على ما ذهب إليه ابن السراج إذ وقعت غير على مخصوص لا شائع أو على أن الذين أريد بهم الجنس لا قوم بأعيانهم. قالوا كما وصفوا المعرف بال الجنسية بالجملة