" صفحة رقم ٤٨١ "
بات يقاسيها غلام كالزلم
خدلج الساقين ممسوح القدم
أو : لمسح الجمال إياه وهو ظهوره عليه، كما قال الشاعر :
على وجه مي مسحة من ملاحة
أو : لمسحة من الأقذار التي تنال المولودين، لأن أمه كانت لا تحيض ولم تدنس بدم نفاس. أقوال سبعة، ويكون : فعيل، فيها بمعنى مفعول، والألف واللام في : المسيح، للغلبة مثلها في : الدبران والعيوق. وقال ابن عباس : سمي بذلك لأنه كان لا يمسح بيده ذا عاهة إبلا بريء، فعلى هذا يكون : فعيل، مبنياً للمبالغة : كعليم، ويكون من الأمثلة التي حولت من فاعل إلى فعيل للمبالغة. وقيل : من المساحة، وكان يجول في الأرض فكأنه كان يمسحها. وقيل : هو مفعل من ساح يسيح من السياحة. وقال مجاهد، والنخعي : المسيح : الصديق. وقال ابن عباس، وابن جبير : المسيح : الملك، سمي بذلك لأنه ملك إحياء الموتى وغير ذلك من الآيات. وقال أبو عبيد : أصله بالعبرانية مشيحاً، فغير، فعلى هذا يكون اسماً مرتجلاً ليس هو مشتقاً من المسح ولا من السياحة ) عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ( الأبناء ينسبون إلى الآباء، ونسب إليها. وإن كان الخطاب لها إعلاماً أنه يولد من غير أب فلا ينسب إلا إليها.
والظاهر أن اسمه : المسيح، فيكون : اسمه المسيح، مبتدأ وخبراً، و : عيسى، جوزوا فيه أن يكون خبراً بعد خبر، وأن يكون بدلاً، وأن يكون عطف بيان. ومنع بعض النحويين أن يكون خبراً بعد خبر، وقال : كان يلزم أن يكون أسماه على المعنى، أو أسماها على لفظ الكلمة، ويجوز أن يكون : عيسى، خبراً لمبتدأ محذوف، أي : هو عيسى ابن مريم. قال ابن عطية : ويدعو إلى هذا كون قوله : ابن مريم، صفة : لعيسى، إذ قد أجمع الناس على كتبه دون الألف. وأما على البدل، أو عطف البيان، فلا يجوز أن يكون : ابن مريم، صفة : لعيسى، لأن الاسم هنا لم يرد به الشخص. هذه النزعة لأبي علي. وفي صدر الكلام نظر. إنتهى كلامه.
وقال الزمخشري فإن قلت لِمَ قيل :) اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ( وهذه ثلاثة أشياء الاسم منها : عيسى، وأما : المسيح و : الأبن، فلقب وصفة ؟.
قلت : الاسم للمسمى علامة يعرف بها، ويتميز من غيره، فكأنه قيل : الذي يعرف به ويتميز ممن سواه مجموع هذه الثلاثة. إنتهى كلامه. ويظهر من كلامه أن اسمه مجموع هذه الثلاثة، فتكون الثلاثة أخباراً عن قوله : اسمه، ويكون من باب : هذا حلو حامض، و : هذا أعسر يسر. فلا يكون أحدها على هذا مستقلاً بالخبرية. ونظيره في كون الشيئين أو الأشياء في حكم شيء واحد قول الشاعر :


الصفحة التالية
Icon