" صفحة رقم ٤٩٢ "
الجملة من قوله : إن، بالكسر مستأنفة على هذا التقدير من إضمار القول، ويكون قوله :) فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ( جملة اعتراضية بين البدل والمبدل منه.
وقيل : الآية الأولى في قوله :) قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ ( هي معجزة. وفي قوله :) وَجِئْتُكُمْ بِأَيَةٍ ( هي الآية من الإنجيل، فاختلف متعلق المجيء، ويجوز أن يكون ) وَجِئْتُكُمْ بِأَيَةٍ مّن رَّبّكُمْ ( كررت على سبيل التوكيد، أي جئتكم بآية بعد أخرى مما ذكرت لكم من : خلق الطير والإبراء والإحياء والإنباء بالخفيات، وبغيره من ولادتي من غير أب، ومن كلامي في المهد، وسائر الآيات. فعلى بهذا من كسر : إن، فعلى الأستئناف، ومن فتح فقيل التقدير، لأن الله ربي وربك فاعبدوه، فيكون متعلقاً بقوله : فاعبدوه، كقوله :) لإِيلَافِ قُرَيْشٍ ( ثم قال :) فَلْيَعْبُدُواْ ( فقدم : أن، على عاملها. ومن جوز : أن تتقدم : أن، ويتأخر عنها العامل في نحو هذا غير مصيب، لا يجوز : أن زيداً منطلق عرفت، نص على ذلك سيبويه وغيره، ويجوز أن يكون المعنى : وجئتكم بآية على أن الله ربي وربكم، وما بينهما اعتراض. وقال ابن عطية : التقدير : أطيعون لأن الله ربي وربكم. إنتهى. وليس قوله بظاهر.
والأمر بالتقوى والطاعة تحذير ودعاء، والمعنى أنه : تظاهر بالحجج والخوارق في صدقه، فاتقوا الله في خلافي، وأطيعون في أمري ونهيي. وقيل : اتقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه في كتابه الذي أنزله على موسى، وأطيعون فيما دعوتكم إليه من تصديقي فيما أرسلني به إليكم.
وتكرار : ربي وربكم، أبلغ في التزام العبودية من قوله : ربنا، وأدل على التبري من الربوبية.
( هَاذَا صِراطٌ مُّسْتَقِيمٌ ( أي : طريق واضح لمن يسلكه لا اعوجاج فيه، والإشارة بهذا إلى قوله :) إِنَّ اللَّهَ رَبّى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ( أي إفراد الله وحده بالعبادة هو الطريق المستقيم، ولفظ العبادة يجمع الإيمان والطاعات.
وفي هذه الآيات من ضروب الفصاحة والبديع : إسناد الفعل للآمر به لا لفاعله، في قوله : إن الله يبشرك، اذ هم المشافهون بالبشارة، والله الآمر بها. ومثله : نادى السلطان في البلد بكذا، وإطلاق اسم السبب على المسبب في قوله : بكلمة منه، على الخلاف الذي في تفسير : كلمة.
والاحتراس : في قوله : وكهلاً، من ما جرت به العادة أن من تكلم في حال الطفولة لا يعيش.
والكناية : في قوله : ولم يمسسني بشر، كنت بالمسّ عن الوطء، كما كنى عنه : بالحرث، واللباس، والمباشرة.
والسؤال والجواب في : قالت الملائكة وفي أنى يكون ؟ والتكرار : في : جئتكم بآية. وفي : أنى أخلق لكم. و، في : الطير، وفي : بإذن الله، وفي : ربي وربكم، وفي : ما، في قوله : بما تأكلون وما.
والتعبير عن الجمع بالمفرد في : الآية، وفي : الأكمة والأبرص، وفي : إذا قضى أمراً.
والطباق في : وأحيي الموتى، وفي : لأحل وحرم والالتفات في : ونعلمه فيمن قرأ بالنون والتفسير بعد الإبهام في : من قال : الكتاب مبهم غير معين، والتوراة والإنجيل تفسير له والحذف في عدة مواضع.