" صفحة رقم ٥٢٥ "
أبي ليلى، والفياض بن غزوان، وطلحة، وغيرهم : دمت بكسر الدال، وتقدم أنها لغة تميم وتقدم الخلاف في مضارعه.
و : ما، في : ما دمت، مصدرية ظرفية. و : دمت، ناقصة فخبرها : قائماً، وأجاز أبو البقاء أن تكون : ما، مصدرية فقط لا ظرفية، فتتقدر بمصدر، وذلك المصدر ينتصب على الحال، فيكون ذلك استثناءً من الأحوال لا من الأزمان. قال : والتقدير : إلاَّ في حال ملازمتك له. فعلى هذا يكون : قائماً، منصوباً على الحال، لا خبراً لدام، لأن شرط نقص : دام، أن يكون صلة لما المصدرية الظرفية.
( ذالِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الامّيِينَ سَبِيلٌ ( روي أن بني إسرائيل كانوا يعتقدون استحلال أموال. العرب لكونهم أهل أوثان، فلما جاء الإسلام، وأسلم من أسلم من العرب، بقي اليهود فيهم على ذلك المعتقد، فنزلت الآية مانعة من ذلك. وقال رسول الله ( ﷺ ) ) : كل شيء من أمر الجاهلية فهو تحت قدمي، إلاَّ الأمانة فإنها مؤادّة إلى البر والفاجر. ( والإشارة بذلك إلى ترك الأداء الذي دل عليه لا يؤدّه، أي : كونهم لا يؤدّون الأمانة كان بسبب قولهم.
والضمير في : بأنهم، قيل : عائد على اليهود وقيل : عائد على لفيف بني إسرائيل. والأظهر أنه عائد على : من، في قوله :) مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ( وجمع حملاً على المعنى، أي : ترك الأداء في الدّينا فما دونه وفما فوقه كائن بسبب قول المانع للأداء الخائن :) لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الامّيِينَ ( وهم الذين ليسوا من أهل الكتاب، وهم العرب. وتقدّم كونهم سموا أمّيين في سورة البقرة.
والسبيل، قيل : العتاب والذم وقيل : الحجة على، نحو قول حميد بن ثور :
وهل أنا إن عللت نفسي بسرحة
من السرح موجود عليّ طريق
وقوله : فأولئك ما عليهم من سبيل من هذا المعنى، وهو كثير في القرآن وكلام العرب وقيل : السبيل هنا الفعل المؤدّي إلى الإثم. والمعنى : ليس عليهم طريق فيما يستحلون من أموال المؤمنين الأمّيين.
قال : وسبب استباحتهم لأموال الأمّيين أنهم عندهم مشركون، وهم بعد إسلامهم باقون على ما كانوا عليه، وذلك لتكذيب اليهود للقرآن وللنبي e
وقيل : لأنهم انتقض العهد الذي كان بينهم بسبب إسلامهم، فصاروا كالمحاربين، فاستحلوا أموالهم وقيل : لأن ذلك مباح في كتابهم أخذ مال من خالفهم.
وقال الكلبي : قالت اليهود : الأموال كلها كانت لنا، فما في أيدي العرب منها فهو لنا، وأنهم ظلمونا وغصبونا، فلا سبيل علينا في أخذ أموالنا منهم وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق الهمداني، عن صعصعة، أن رجلاً قال لابن عباس : أنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمّة : الشاة والدجاجة، ويقولون : ليس علينا بذلك بأس، فقال له : هذا كما قال أهل الكتاب :) لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الامّيِينَ سَبِيلٌ ( أنهم إذا أدّوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلاَّ عن طيب أنفسهم. وذكر هذا الأثر الزمخشري، وابن عطية، وفيه بعد ذكر الشاة أو الدجاجة، قال : فيقولون ماذا قال ؟ يقول : ليس علينا في ذلك بأس.
( وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ( أي القول الكذب يفترونه على الله بادعائهم أن ذلك في كتابهم. قال السدّي، وابن جريج، وغيرهما : ادعت طائفة من أهل الكتاب أن في التوراة إحلالاً لهم أموال الأمّيين كذباً منها وهي عالمة بكذبها، فيكون الكذب المقول هنا هو هذا الكذب المخصوص في هذا الفصل. والظاهر أنه أعم من هذا، فيندرج هذا


الصفحة التالية
Icon