" صفحة رقم ١٨٣ "
بحيث يعتشّ الغراب البائض
لأن البيض من الأنثى والذكر انتهى. ولا يتعين أن يراد بالغراب هنا الذكر، لأن لفظ الغراب ينطلق على الذكر والأنثى، وليس مما فرق بينه وبين مؤنثه بالتاء. فهو كالّرعوب ينطلق على الذكر والأنثى، ولا يرجح كونه ذكراً وصفه بالبائض، وهو وصف مذكر لاحتمال أن يكون ذكر حملاً على اللفظ، ولا يرجح كونه ذكراً وصفه بالبائض، وهو وصف مذكر لاحتمال أن يكون ذكر جملاً على اللفظ، إذ لم تظهر فيه علامة تأنيث كما أنث المذكر حملاً على لفظ التأنيث في قوله : وعنترة الفلحاء. وفي قوله : أبوك حليفة ولدته أخرى.
والأقربون : هم المتوارثون من ذوي القرابات. وقد أبهم في لفظ الأقربون كما أبهم في النصيب، وعين الوارث والمقدار في الآيات بعدها. وقوله : مما قلّ منه، هو بدل من قوله : مما ترك إلا خيراً، أعيد معه حرف الجر، والضمير في منه عائد على من قوله : مما ترك إلا خير. واكتفى بذكره في هذه الجملة، وهو مراد في الجملة الأولى، ولم يضطرّ إلى ذكره لأن البدل جاء على سبيل التوكيد، إذ ليس فيه إلا توضيح أنه أريد بقوله : مما ترك العموم في المتروك. وهذا البدل فيه ذكر توعى المتروك من القلة أو الكثرة.
وقال أبو البقاء : مما قلّ يجوز أن يكون حالاً من الضمير المحذوف في ترك، أي : مما تركه مستقراً مما قلّ.
ومعنى نصيباً مفروضاً : أي حظاً مقطوعاً به لا بد لهم من أن يحوزوه. وقال الزجاج ومكي : نصيباً منصوب على الحال، المعنى : لهؤلاء أنصباء على ما ذكرنا هنا في حال الفرض. وقال الفراء : نصب لأنه أخرجه مخرج المصدر، ولذلك وحده كقولك له : عليّ كذا حقاً لازماً، ونحوه :) فَرِيضَةً مّنَ اللَّهِ ( ولو كان اسماً صحيحاً لم ينصب، لا تقول : لك عليّ حق درهماً انتهى. وقال الزمخشري قريباً من هذا القول قال : ويجوز أن ينتصب انتصاب المصدر المؤكد لقوله : فريضة من الله، كأنه قسمة مفروضة. وقال ابن عطية نحواً من كلام الزجاج قال : إنما هو اسم نصب كما ينصب المصدر في موضع الحال تقديره : فرضاً. ولذلك جاز نصبه كما تقول له : عليّ كذا وكذا حقاً واجباً، ولولا معنى المصدر الذي فيه ما جاز في اسم الذي ليس بمصدر هذا النصب، ولكنّ حقه الرفع انتهى كلامه. وهو مركب من كلام الزجاج والفراء، وهما متباينان لأن الانتصاب على الحال مباين للانتصاب على المصدر المؤكد مخالف له. وقال الزمخشري : ونصيباً مفروضاً نصب على الاختصاص بمعنى أعني : نصيباً مفروضاً مقطوعاً واجباً انتهى. فإن عني بالاختصاص ما اصطلح عليه النحويون فهو مردود بكونه نكرة، والمنصوب على الاختصاص نصوا على أنه لا يكون نكرة. وقيل : انتصب نصب المصدر الصريح، لأنه مصدر أي نصيبه نصيباً. وقيل : حال من النكرة، لأنها قد وصفت. وقيل : بفعل محذوف تقديره : جعلته أو، أوجبت لهم نصيباً. وقيل : حال من الفاعل في قلّ أو كثر.
واستدلّ بظاهر هذه الآية على وجوب القسمة في الحقوق المتميزة إذا أمكنت وطلب ذلك كل واحد من الشريكين بلا خلاف. واختلفوا في قسمة المتروك على الفرائض، إذا كانت القسمة بغيره على حاله كالحمام والرحا والبثر والدار التي تبطل منافعها بافتراق السهام. فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة : تقسم. وقال ابن أبي ليلى وأبو ثور : لا تقسم. قال ابن المنذر : وهو أصح القولين. واستدل بها أيضاً على وجوب توريث الأخ للميت مع البنت،


الصفحة التالية
Icon