" صفحة رقم ١٩٦ "
مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مّن بَعْدِ (
النساء :( ١٢ ) ولكم نصف ما.....
لما ذكر تعالى ميراث الفروع من الأصول، وميراث الأصول من الفروع، أخذ في ذكر ميراث المتصلين بالسبب لا بالنسب وهو للزوجية هنا، ولم يذكر في القرآن التوارث بالموالاة، والخلف، والهجرة فنسخ ذلك، وقدم ذكر ميراث سبب الزوجية على ذكر الكلالة، وإن كان بالنسب لتواشج ما بين الزوجين، واتصالهما، واستغناء كل منهما بعشرة صاحبه، دون عشرة الكلالة، وبدئ بخطاب الرجال، لما لهم من الدرجات على النساء، ولما كان للذكر من الأولاد حظه مع الأنثى مثل حظ الأنثيين جعل في سبب التزوج الذكر له مثلا حظ الأنثى، ومعنى ) كان لهن ولد ( أي : منكم أيها الوارثون، أو من غيركم، والولد هنا ظاهره أنه من ولدته لبطنها ذكرا أو انثى، واحدا كان أو أكثر، وحكم بتي الذكور منها، وإن سفلوا حكم الولد للبطن في أن فرض الزوج منها الربع مع وجوده بإلإجماع ) ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين ( الولد هنا كالولد في تلك الآية. والربع والثمن يشترك فيه الزوجات إن وجدن، وتنفرد به الواحدة. وظاهر الآية : أنهما يعطيان فرضهما المذكور في الآيتين من غير عول، وإلى ذلك ذهب ابن عباس. وذهب الجمهور إلى أنّ العول يلحق فرض الزوج والزوجة، كما يلحق سائر الفرائض المسماة.
( وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلّ واحِدٍ مّنْهُمَا السُّدُسُ ( الكلالة : خلو الميت عن الوالد ولولد قاله : أبو بكر، وعمر، وعلي، وسليم بن عبيد، وقتادة، والحكم، وابن زيد، والسبيعي. وقالت طائفة : هي الخلوّ من الولد فقط. وروي عن أبي بكر وعمر ثم رجعا عنه إلى القول الأوّل. وروى أيضاً عن ابن عباس، وذلك مستقر من قوله في الأخوة مع الوالدين : إنهم يحطون الأم ويأخذون ما يحطونه. ويلزم على قوله : إذ ورثهم بأن الفريضة كلالة أن يعطيهم الثلث بالنص. وقالت طائفة منهم : الحكم بن عيينة، هي الخلو من الولد. قال ابن عطية : وهذا إن القولان ضعيفان، لأنّ من بقي والده أو ولده فهو موروث بنسب لا بتكلل. وأجمعت الأمة الآن على أنَّ الأخوة لا يرثون مع ابن ولا أرب، وعلى هذا مضت الأعصار والأمصار انتهى.
واختلف في اشتقاقها. فقيل : من الكلال وهو الإعياء، فكأنه يصير الميراث إلى الوارث من بعد إعياء. قال الأعشى : فا ليت لا أرثي لها من كلالة
ولا من وجى حتى نلاقي محمدا
وقال الزمخشري : والكلالة في الأصل مصدر بمعنى الكلال، وهو ذهاب القوة من الإعياء. فاستعيرت للقرابة


الصفحة التالية
Icon