" صفحة رقم ٤٣٣ "
توجيه شذوذ رسمي، ورسم المصحف مما لا يقاس عليه.
وقرأ ابن أبي عبلة : غير بالرفع، وأحسن ما يخرج عليه أن يكون صفة لقوله : بهيمة الأنعام، ولا يلزم من الوصف بغير أن يكون ما بعدها مماثلاً للموصوف في الجنسية، ولا يضر الفصل بين النعت والمنعوت بالاستثناء، وخرج أيضاً على الصفة للضمير في يتلى. قال ابن عطية : لأن غير محلى الصيد هو في المعنى بمنزلة غير مستحل إذا كان صيداً انتهى. ولا يحتاج إلى هذا التكلف على تخريجنا محلى الصيد وأنتم حرم جملة حالية. وحرم جمع حرام.
ويقال : أحرم الرجل إذا دخل في الإحرام بحج أو بعمرة، أو بهما، فهو محرم وحرام، وأخرم الرجل دخل في الحرم. وقال الشاعر : فقلت لها فيىء إليك فإنني
حرام وإني بعد ذاك لبيب
أي : ملب. ويحتمل الوجهين قوله : وأنتم حرم، إذ الصيد يحرم على من كان في الحرم، وعلى من كان أحرم بالحج والعمرة، وهو قول الفقهاء. وقال الزمخشري : وأنتم حرم، حال عن محل الصيد كأنه قيل : أحللنا لكم بعض الأنعام في حال امتناعكم من الصيد وأنتم محرمون لئلا يتحرج عليكم انتهى. وقد بينا فساد هذا القول، بأنّ الأنعام مباحة مطلقاً لا بالتقييد بهذه الحال.
( إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ( قال ابن عباس : يحل ويحرم. وقيل : يحكم فيما خلق بما يريد على الإطلاق وهذه الجملة جاءت مقوية لهذه الأحكام الشرعية المخالفة لمعهود أحكام العرب من الأمر بإيفاء العقود وتحليل بهيمة الأنعام، والاستثناء منها ما يتلى تحريمه مطلقاً في الحل والحرم إلا في اضطرار، واستثناء الصيد في حالة الإحرام، وتضمن ذلك حله لغير المحرم، فهذه خمسة أحكام ختمها بقوله : إن الله يحكم ما يريد. فموجب الحكم والتكليف هو إراته لا اعتراض عليه، ولا معقب لحكمه، لا ما يقوله المعتزلة من مراعاة المصالح. ولذلك قال الزمخشري : إنّ الله يحكم ما يريد من الأحكام، ويعلم أنه حكمة ومصلحة. وقال ابن عطية : وقد نبه على ما تضمنته هذه الآية من الأحكام ما نصه هذه الآية مما يلوح فصاحتها وكثرة معانيها على قلة ألفاظها لكل ذي بصر بالكلام، ولمن عنده أدنى بصيرة. ثم ذكر ابن عطية الحكاية التي قدمناها عن الكندي وأصحابه، وفي مثل هذا أقول من قصيدة مدحت بها رسول الله ( ﷺ ) ) معارضاً لقصيدة كعب منه في وصف كتاب الله تعالى : جار على منهج الأعراب أعجزهم
باق مدى الدهر لا يأتيه تبديل
بلاغة عندها كعّ البليغ فلم
ينبس وفي هديه طاحت أضاليل
المائدة :( ٢ ) يا أيها الذين.....
( يُرِيدُ يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ ( خرج سريح أحد بني ضبيعة إلى مكة حاجاً وساق الهدى.
وفي رواية ومعه تجارة، وكان قبل قد قدم المدينة وتكلم مع الرسول ( ﷺ ) ) وتروّى في إسلامه، وقال الرسول عليه السلام :