" صفحة رقم ٤٥٦ "
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (
المائدة :( ١١ ) يا أيها الذين.....
روى أبو صالح عن ابن عباس : أنها نزلت من أجل كفار قريش، وقد تقدم ذكرهم في قوله :) لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ مّنكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ ( وبه قال مقاتل، وقال الحسن : بعثت قريش رجلاً ليقتل الرسول ( ﷺ ) )، فأطلعه الله على ذلك. وقال مجاهد وقتادة : إنه عليه السلام ذهب إلى يهود بني النضير يستعينهم في دية فهموا بقتله. وقال جماعة من المفسرين : أتى بني قريظة ومعه أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم يستقرضهم دية مسلمين قتلهما عمرو بن أمية الضمري خطأ حسبهما مشركين، فقالوا : نعم يا أبا القاسم اجلسْ حتى نطعمك ونقرضك، فأجلسوه في صفة وهموا بالقتل به، وعمد عمرو بن جحاش إلى رحى عظيمة يطرحها عليه، فأمسك الله يده، ونزل جبريل عليه السلام فأخبره فخرج. وقيل : نزل منزلاً في غزوة ذات الرقاع بني محارب بن حفصة بن قيس بن غيلان، وتفرق الناس في العضاة يستظلون بها، فعلق الرسول سلاحه بشجرة، فجاء أعرابي فسلّ سيف الرسول ( ﷺ ) ) واسمه غورث، وقيل : دعثور بن الحرث، ثم أقبل عليه فقال : من يمنعك مني ؟ قال :( الله قالها ثلاثاً ) وقال : أتخافني ؟ قال : لا، فشام السيف وحبس. وفي البخاري : أن النبي ( ﷺ ) ) دعا الناس فاجتمعوا وهو جالس عند النبي ( ﷺ ) ) لم يعاقبه. قيل : أسلم. وقيل : ضرب برأسه ساق الشجرة حتى مات. وروي أن المشركين رأوا المسلمين قاموا إلى صلاة الظهر يصلون معاً بعسفان في غزوة ذي انمار، فلما صلوا ندموا أن لا كانوا أكبوا عليهم فقالوا : إن لهم صلاة بعدها هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم، وهي صلاة العصر، وهموا أن يوقعوا بهم إذا قاموا إليها، فنزل جبريل عليه السلام بصلاة الخوف. وقد طوّلوا بذكر أسباب أخر. وملخص ما ذكروه أنّ قريشاً، أو بني النضير، أو قريظة، أو غورثا، هموا بالقتل بالرسول، أو المشركين هموا بالقتل بالمسلمين، أو نزلت في معنى ) الْيَوْمَ بِئْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ ( قاله الزجاج، أو عقيب الخندق حين هزم الله الأحزاب ) وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ( والذي تقتضيه الآية أنّ الله تعالى ذكر المؤمنين بنعمه إذا أراد قوم من الكفار لم يعينهم الله بل أبهمهم أن ينالوا المسلمين بشر، فمنعهم الله، ثم أمرهم بالتقوى والتوكل عليه. ويقال : بسط إليه لسانه أي شتمه، وبسط إليه يده مدها ليبطش به. وقال تعالى :) وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوء ( ويقال : فلان بسيط الباغ، ومد يد الباع، بمعنى. وكف الأيدي منعها وحبسها. وجاء الأمر بالتقوى أمر مواجهة مناسباً لقوله اذكروا. وجاء الأمر بالتوكل أمر غائب لأجل الفاصلة، وإشعاراً بالغلبة، وإفادة لعموم وصف الإيمان، أي : لأجل تصديقه بالله ورسوله يؤمر بالتوكل كل مؤمن، ولابتداء الآية بمؤمنين على جهة الاختصاص وختمها بمؤمنين على جهة التقريب.
٢ ( ) وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِىإِسْرَاءِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَىْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّى مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلواةَ وَءَاتَيْتُمْ الزَّكَواةَ وَءَامَنتُمْ بِرُسُلِى وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُم


الصفحة التالية
Icon