" صفحة رقم ٤٦٩ "
ما قاله، لأن القرآن جاء على قانون كلام العرب من الالتفات والخروج من خطاب إلى خطاب، لا سيما إذا كان ظاهر الخطاب لا يناسب من خوطب أولاً، وإنما يناسب من وجه إليه ثانياً، فيقوي بذلك توجيه الخطاب إلى الثاني إذا حمل اللفظ على ظاهره. وقرأ ابن محيصن : ياقُوم بضم الميم، وكذا حيث وقع في القرآن، وروى ذلك عن ابن كثير. وهذا الضم هو على معنى الإضافة، كقراءة من قرأ : قل رب احكم بالحق بالضم وهي إحدى اللغات الخمس الجائزة في المنادى المضاف لياء المتكلم.
المائدة :( ٢١ ) يا قوم ادخلوا.....
( مِنَ النّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ( المقدسة المطهرة، وهي أريحا قاله : السدي وابن زيد، ورواه عكرمة عن ابن عباس. وقيل : موضع بيت المقدس. وقيل : ايليا. قال ابن قتيبة. قرأت في مناجاة موسى قال : اللهم إنك اخترت فذكر أشياء ثم قال : رب ايليا بيت المقدس. وقال ابن الجوزي : قرأت على أبي منصور اللغوي قال : ايليا بيت المقدس. قال الفرزدق : وبيتان بيت الله نحن نزوره
وبيت بأعلى ايلياء مشرف
وقيل : الطور، رواه مجاهد عن ابن عباس، واختاره الزجاج. وقيل : فلسطين ودمشق وبعض الأردن. قال قتادة : هي الشام. وقال الكلبي : صعد إبراهيم عليه السلام جبل لبنان فقال له جبريل : انظر فما أدركه بصرك فهو مقدس، وهو ميراث لذريتك. وقيل : ما بين الفرات وعريش مصر. قال الطبري : لا يختلف أنها ما بين الفرات وعريش مصر قال : وقال الادفوي : أجمع أهل التأويل والسير والعلماء بالأخبار أنها ما بين الفرات وعريش مصر. وقال الطبري : تظاهرت الروايات أن دمشق هي قاعدة الجبارين انتهى.
والتقديس : التطهير قيل : من الآفات. وقيل : من الشرك، جعلت مسكناً وقراراً للأنبياء، وغلبة الجبارين عليها لا يخرجها عن أن تكون مقدسة. وقيل : المقدسة المباركة طهرت من القحط والجوع، وغير ذلك قاله مجاهد. وقيل : سميت مقدسة لأن فيها المكان الذي يتقدس فيه من الذنوب، ومنه قيل : للسطل قدس لأنه يتوضأ به ويتطهر. ومعنى كتبها الله لكم : قسمها، وسماها، أو خط في اللوح أنها لكم مسكن وقرار. وقال ابن إسحاق : وهبها لكم. وقال السدي : أمركم بدخولها، وفي ذلك تنشيط لهم وتقوية إذا خبرهم بأنّ الله كتبها لهم. والظاهر استعمال كتب في الفرض كقوله :) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ ( و ) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ ( وأما إن كان كتبها بمعنى خط في الأزل، وقضى، فلا يحتاج ظاهر هذا اللفظ ظاهر قوله : محرمة عليهم. فقيل : اللفظ عام. والمراد الخصوص كأنه قال : مكتوبة لبعضهم وحرام على بعضهم، أو ذلك مشروط بقيد امتثال القتال، فلم يمتثلوا، فلم يقع المشروط أو التحريم، مقيد بأربعين سنة فلما انقضت جعل ما كتب. وأما إن كان كتبها لهم بمعنى أمركم بدخولها، فلا يعارض التحريم. حرم عليهم دخولها وماتوا في التيه، ودخل مع موسى أبناؤهم الذين لم تحرم عليهم. وقيل : إن موسى وهارون عليهما السلام ماتا في التيه، وإنما خرج أبناؤهم مع حزقيل. وقال ابن عباس : كانت هبة، ثم حرمها عليهم بعصيانهم.
( وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ( أي لا تنكصوا على أعقابكم من خوف الجبابرة جبناً وهلعاً. وقيل : حدثهم النقباء بحال الجبابرة رفعوا أصواتهم بالبكاء وقالوا : ليتنا متنا بمصر، وقالوا : تعالوا نجعل علينا رأساً ينصرف بنا إلى مصر. ويحتمل أن يراد : لا ترتدوا على أدباركم، في دينكم لمخالفتكم أمر ربكم وانقلابهم خاسرين،