" صفحة رقم ١٣٥ "
قال أبو عبيدة :) دَابِرُ الْقَوْمِ ( آخرهم الذي يدبرهم. وقال الأصمعي : الدابر الأصل يقال : قطع الله دابره أي أذهب أصله، وقرأ عكرمة ) فَقُطِعَ دَابِرُ ( بفتح القاف والطاء والراء أي فقطع الله وهو التفات إذ فيه الخروج من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب.
( وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ ( قال الزمخشري : إيذان بوجوب الحمد لله عند هلاك الظلمة وأنه من أجل النعم وأجزل القسم ؛ انتهى. والذي يظهر أنه تعالى لما أرسل إلى هؤلاء الأمم كذبوهم وآذوهم فابتلاهم الله تارة بالبلاء، وتارة بالرخاء فلم يؤمنوا فأهلكهم واستراح الرسل من شرهم وتكذيبهم وصار ذلك نعمة في حق الرسل إذ أنجز الله وعده على لسانهم بهلاك المكذبين فناسب هذا الفعل كله الختم بالحمد له.
الأنعام :( ٤٦ ) قل أرأيتم إن.....
( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَّنْ إِلَاهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ( لما ذكر أولاً تهديدهم بإتيان العذاب أو الساعة كان ذلك أعظم من هذا التهديد، فأكد خطاب الضمير بحرف الخطاب فقيل أرأيتكم ولما كان هذا التهديد أخف من ذلك لم يؤكد به، بل اكتفى بخطاب الضمير فقيل ) أَرَءيْتُمْ ( وفي تلك وهذه الاستدلال على توحيد الله تعالى وأنه المتصرف في العالم الكاشف للعذاب والراد لما شاء بعد الذهاب، وأن آلهتهم لا تغني عنهم شيئاً والظاهر من قوله ) أَخَذَ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ ( أنه ذهاب الحاسة السمعية والبصرية فيكون أخذاً حقيقياً. وقيل : هو أخذ معنوي والمراد إذهاب نور البصر بحيث يحصل العمى، وإذهاب سمع الأذن بحيث يحصل الصمم، وتقدم الكلام على إفراد السمع وجمع الأبصار وعلى الختم على القلوب في أول البقرة فأغنى عن إعادته. ومفعول ) أَرَءيْتُمْ ( الأول محذوف والتقدير قل أرأيتم سمعكم وأبصاركم إن أخذها الله، والمفعول الثاني هو الجملة الاستفهامية كما تقول : أرأيتك زيداً ما يصنع وقد قررنا أن ذلك من باب الأعمال أعمل الثاني وحذف من الأول وأوضحنا كيفية ذلك في الآية قبل هذه، والضمير في ) بِهِ ( أفرده إجراء له مجرى اسم الإشارة كأنه قيل تأتيكم بذلك أو يكون التقدير بما أخذ وختم عليه. وقيل : يعود على السمع بالتصريح وتدخل فيه القلوب والأبصار. وقيل : هو عائد على الهدى الذي يدل عليه المعنى لأن أخذ السمع والبصر والختم على القلوب سبب الضلال وسد لطرق الهداية، و ) مِنْ إِلَهٍ ( استفهام معناه توقيفهم على أنه ليس ثم سواه فالتعلق بغيره لا ينفع. قال الحوفي : وحرف الشرط وما اتصل به في موضع نصب على الحال والعامل في الحال ) أَرَءيْتُمْ ( كقوله : اضربه إن خرج أي خارجاً، وجواب الشرط ما تقدم مما دخلت عليه همزة الاستفهام ؛ انتهى، وهذا الإعراب تخليط.
( انْظُرْ كَيْفَ نُصَرّفُ الاْيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ( روى أبو قرة المسيي عن نافع به ) أَنظُرْ ( بضم الهاء وهي قراءة الأعرج، وانظر خطاب للسامع وتصريف الآيات قال مقاتل : نخوفهم بأخذ الأسماع والأبصار والقلوب وبما صنع بالأمم السالفة. وقال ابن فورك : تصريفها مرة تأتي بالنقمة ومرة تأتي بالنعمة ومرة بالترغيب ومرة بالترهيب. وقيل : تتابع لهم الحجج وتضرب لهم الأمثال. وقيل : نوجهها إلى الإنشاء والإفناء والإهلاك. وقيل : الآيات على صحة توحيده وصدق نبيه والصدف والصدوف الإعراض والنفور. قال ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد والسدي :) يَصْدِفُونَ ( يعرضون ولا يعتبرون. وقرأ بعض


الصفحة التالية
Icon