" صفحة رقم ٤٦١ "
قبله فناسب أن يأتي العزيز الحكيم على سبيل الصفة وكلاهما مشعر بالعلية كما تقول أكرم زيداً العالم وأكرم زبداً أنه عالم والضمير في وما جعله عائد على الإمداد المنسبك من أني ممدكم أو على المدد أو على الوعد الدال عليه يعدكم إحدى الطائفتين أو على الألف أو على الاستجابة أو على الإرداف أو على الخبر بالإمداد أو على جبريل أقوال محتملة مقولة أظهرها الأول ولم يذكر الزمخشري غيره.
الأنفال :( ١١ ) إذ يغشيكم النعاس.....
( إِذْ يُغَشّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مّنْهُ وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن السَّمَاء مَاء لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبّتَ بِهِ ( قال الزمخشري بدل ثان من إذ يعدكم أو منصوب بالنصر أو بما في عند الله من معنى الفعل أو بما جعله الله أو بإضمار اذكر انتهى. أما كونه بدلاً ثانياً من إذ يعدكم فوافقه عليه ابن عطية فإنّ العامل في إذ هو العامل في قوله وإذ يعدكم بتقدير تكراره لأنّ الاشتراك في العامل الأول نفسه لا يكون إلا بحرف عطف وإنما القصد أن يعدّد نعمه على المؤمنين في يوم بدر فقال واذكروا إذ فعلنا بكم كذا اذكروا إذ فعلنا كذا وأما كونه منصوباً بالنصر ففيه ضعف من وجوه : أحدها أنه مصدر فيه أل وفي إعماله خلاف ذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز إعماله، الثاني أنه موصول وقد فصل بينه وبين معموله بالخبر الذي هو إلا من عند الله وذلك إعمال لا يجوز لا يقال ضرب زيد شديد عمراً، الثالث أنه يلزم من ذلك إعمال ما قبل إلا في ما بعدها من غير أن يكون ذلك المفعول مستثنى أو مستنثى منه أو صفة له وإذ ليس واحداً من هذه الثلاثة فلا يجوز ما قام إلا زيد يوم الجمعة وقد أجاز ذلك الكسائي والأخفش، وأما كونه منصوباً بما في عند الله من معنى الفعل فيضعفه المعنى لأنه يصير استقرار النصر مقيداً بالظرف والنصر من عند الله مطلقاً في وقت غشي النعاس وغيره وأما كونه منصوباً بما جعله الله فقد سبقه إليه الحوفيّ وهو ضعيف أيضاً لطول الفصل ولكونه معمول ما قبل إلا وليس أحد تلك الثلاثة، وقال الطبري العامل في إذ قوله ولتطمئن. قال ابن عطية : وهذا مع احتماله فيه ضعف، وقال أبو البقاء : ويجوز أن يكون ظرفاً لما دلّ عليه عزيز حكيم وقد سبقه إلى قريب من هذا ابن عطية فقال : ولو جعل العامل في إذا شيئاً فرنها بما قبلها لكان الأولى في ذلك أن يعمل في إذ حكيم لأن إلقاء النعاس عليهم وجعله أمة حكمة من الله عز وجل انتهى، والأجود من هذه الأقوال أن يكون بدلاً وقرأ مجاهد وابن محيصن وأبو عمرو وابن كثير يغشاكم النعاس مضارع غشى والنعاس رفع به، وقرأ الأعرج وابن نصاح وأبو حفص ونافع يغشيكم مضارع أغشى، وقرأ عروة بن الزبير ومجاهد والحسن وعكرمة وأبو رجاء وابن عامر والكوفيون يغشيكم مضارع غشى والنعاس في هاتين القراءتين منصوب والفاعل ضمير الله وناسبت قراءة نافع قوله يغشى طائفة منكم وقراءة الباقين وينزل حيث لم يختلف الفاعل ومعنى يغشيكم يعطيكم به وهو استعارة جعل ما غلب عليهم من النعاس غشياناً لهم، وتقدم شرح النعاس وأمنة في آل عمران والضمير في منه عائد على الله وانتصب أمنة، قيل على المصدر أي فأمنتم أمنة والأظهر أنه انتصب على أنه مفعول له في قراءة يغشيكم لاتحاد الفاعل لأنّ المغشى والمؤمن هو الله تعالى، وأما على قراءة يغشاكم فالفاعل مختلف إذ فاعل يغشاكم هو النعاس والمؤمن هو الله وفي جواز مجيء المفعول له مع اختلاف الفاعل خلاف، وقال الزمخشري، ( فإن قلت ) : أما وجب أن يكون فاعل الفعل المعلل والعلة واحداً، قلت بلى ولكن لما كان معنى يغشاكم النعاس تتغشون انتصب أمنة على أن النعاس والأمنة لهم والمعنى إذ تتغشون أمنة بمعنى أمنا أي لأمنكم ومنه صفة لها أي أمنة حاصلة لكم من الله تعالى، ( فإن