" صفحة رقم ٤٧٢ "
ومنخريه منها شيء، وقال حكيم بن حرام فسمعنا صوتاً من السماء كأنه صوت حصاة وقعت في طست فرمى رسول الله ( ﷺ ) ) تلك الرّمية فانهزموا، وقال أنس : رمى ثلاث حصيات يوم بدر واحدة في ميمنة القوم واحدة في ميسرتهم وثالثة بين أظهرهم، وقال : شاهت الوجوه فانهزموا، وقيل الرمي هنا رمي رسول الله ( ﷺ ) ) بحربة على أبيّ بن خلف يوم أحد، قال ابن عطية : وهذا ضعيف لأنّ الآية نزلت عقب بدر وعلى هذا القول تكون أجنبية مما قبلها وبعدها وذلك بعيد، وقيل المراد السهم الذي رمى به رسول الله ( ﷺ ) ) في حصن خيبر فسار في الهوى حتى أصاب ابن أبي الحقيق وهذا فاسدو والصحيح في صورة قتل ابن أبي الحقيق غير هذا وقوله وما رميت نفي وإذ رميت إثبات فاحتيج إلى تأويل وهو أن يغاير بين الرميين فالمنفيّ الإصابة والظفر والمثبت الإرسال، وقيل المنفيّ إزهاق الروح والمثبت أثر الرّمي وهو الجرح وهذان القولان متقاربان، وقيل ما استبددت بالرمي إذ أرسلت التراب لأنّ الاستبداد به هو فعل الله حقيقة وإرسال التراب منسوب إليه كسباً كان المعنى، وما رميت الرمي الكافي إذ رميت ونحوه قول العباس بن مرداس : وقد كنت في الحرب ذا تدرإ
فلم أعط شيئاً ولم أمنع
أي لم أعط شيئاً مرضيًّا. وقيل متعلق المنفي الرّعب ومتعلق المنبت الحصيات أي وما رميت الرعب في قلوبهم إذ رميت الحصيات، وقال الزمخشري يعني أنّ الرمية التي رميتها لم ترمِها أنت على الحقيقة لأنك لو رميتها لما بلغ أثرها إلا ما يبلغه رمي البشر ولكنها كانت رمية الله حيث أثرت ذلك الأثر العظيم فأثبت الرّمي لرسول الله ( ﷺ ) ) لأن صورة الرمي وجدت منه ونفاها عنه لأنّ أثرها الذي لا يطيقه البشر فعل الله فكان الله تعالى هو فاعل الرمي حقيقة وكأنها لم توجد من الرسول أصلاً انتهى، وهو راجع لمعنى القولين أولاً وتقدّم خلاف الفرّاء في لكن وما بعدها عند قوله :) وَلَاكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ وَلِيُبْلِىَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَنًا ). قال السدي ينصرهم وينعم عليهم يقال أبلاه إذا أنعم عليه وبلاه إذا امتحنه والبلاء يستعمل للخير والشر ووصفه بحسن يدل على النصر والعزة، قال الزمخشري : وليعطيهم عطاء جميلاً كما قال، فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو. انتهى، والبلاء الحسن قيل بالنصر والغنيمة، وقيل بالشهادة لمن استشهد يوم بدر وهم أربعة عشر رجلاً منهم عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب ومهجع مولى عمر ومعاذ وعمر وإبنا عفراء أنه قال : لولا أن المفسرين اتفقوا على حمل البلاء هنا على النعمة لكان يحتمل المحنة للتكليف بما بعده من الجهاد حتى يقال إنّ الذي فعله تعالى يوم بدر كان السبب في حصول تكليف شاق عليهم فيما بعد ذلك من الغزوات انتهى. وسياق الكلام ينفي أن يراد بالبلاء المحنة لأنه قال : وليبلى المؤمنين منه بلاء حسناً، فعل ذلك أي قتل الكفار ورميهم ونسبة ذلك إلى الله وكان ذلك سبب هزيمتهم والنصر عليهم وجعلهم نهبة للمؤمنين وهذا ليس محنة بل منحة إن الله سميع