" صفحة رقم ٤٨١ "
وكيف أرجى الخلد والموت طالبي
وما لي من كأس المنية فرقان
وقال ابن زيد وابن إسحاق فصلاً بين الحق والباطل، وقال قتادة وغيره : نجاة، وقال الفرّاء فتحاً ونصراً وهو في الآخرة يدخلكم الجنة والكفار النار، وقال ابن عطية : فرقاً بين حقّكم وباطل من ينازعكم أي بالنصر والتأييد عليهم والفرقان مصدر من فرق بين الشيئين حال بينهما، وقال الزمخشري : نصراً لأنه يفرّق بين الحق والباطل وبين الكفر بإذلال حزبه والإسلام بإعزاز أهله ومنه قوله تعالى يوم الفرقان أو بياناً وظهوراً يشهد أمركم ويثبت صيتكم وآثاركم في أقطار الأرض تقول بت أفعل كذا حتى سطع الفرقان أي طلع الفجر أو مخرجاً من الشبهات وتوفيقاً وشرحاً للصدور أو تفرقة بينكم وبين غيركم من أهل الأديان وفضلاً ومزية في الدنيا والآخرة انتهى، ولفظ فرقاناً مطلق فيصلح لما يقع به فرق بين المؤمنين والكافرين في أمور الدنيا والآخرة والتقوى هنا إن كانت من اتقاء الكبائر كانت السيئات الصغائر ليتغاير الشرط والجواز وتكفيرها في الدنيا ومغفرتها إزالتها في القيامة وتغاير الظرفان لئلا يلزم التكرار، وتقدّم تفسير والله ذو الفضل العظيم في البقرة.
الأنفال :( ٣٠ ) وإذ يمكر بك.....
( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ( لما ذكر المؤمنين نعمه عليهم ذكره ( ﷺ ) ) نعمه عليه في خاصة نفسه وكانت قريش قد تشاوروا في دار الندوة بما تفعل به فمن قائل : يحبس ويقيّد ويتربّص به ريب المنون ومن قائل : يخرج من مكة تستريحوا منه وتصور إبليس في صورة شيخ نجدي وقيل هذين الرأيين ومن قائل : يجتمع من كل قبيلة رجل ويضربونه ضربة واحدة بأسيافهم فيتفرق دمه في القبائل فلا تقدر بنو هاشم لمحاربة قريش كلها فيرضون بأخذ الدية فصوّب إبليس هذا الرأي فأوحى الله تعالى إلى نبيه ( ﷺ ) ) بذلك وأمره أن لا يبيت في مضجعه وأذن له بالخروج إلى المدينة وأمر عليًّا أن يبيت في مضجعه ويتّشح ببردته وباتوا راصدين فبادروا إلى المضجع فأبصروا عليًّا فبُهتوا وخلف عليًّا ليردّ ودائع كانت عنده وخرج إلى المدينة. قال ابن عباس ومجاهد : ليثبتوك أي يقيّدوك، وقال عطاء والسدّي : ليثخنوك بالجرح والضرب من قولهم ضربوه حتى أثبتوه لا حراك به ولا براح ورمي الطائر فأثبته أي أثخنه. قال الشاعر : فقلت ويحك ماذا في صحيفتكم
قال الخليفة أمسى مثبتاً وجعا
أي مثخناً. وقرأ النخعي ليبيتوك من البيات وهذا المكر هنا هو بإجماع المفسّرين ما اجتمعت عليه قريش في دار الندوة كما أشرنا إليه وهذه الآية مدنيّة كسائر السورة وهو الصواب، وعن عكرمة ومجاهد إنها مكية وعن ابن زيد نزلت عقيب كفاية الله رسوله المستهزئين ويتأوّل قول عكرمة ومجاهد على أنهما أشارا إلى قصة الآية إلى وقت نزولها وتكرر ويمكرون إخباراً باستمرار مكرهم وكثرته وتقدم شرح مثل باقي الآية في آل عمران.
الأنفال :( ٣١ ) وإذا تتلى عليهم.....
( وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءايَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَاذَا ). قائل ذلك هو النضر بن الحارث واتبعه قائلون كثيرون وكان من مردة قريش سافر إلى فارس والحيرة وسمع من قصص الرهبان والأناجيل وأخبار رستم واسفنديار ويرى اليهود والنصارى يركعون ويسجدون، قتله رسول الله ( ﷺ ) ) صبراً بالصفراء بالأنيل منها منصرفه من بدر، وفي هذا التركيب جواز وقوع المضارع بعد إذا وجوابه الماضي جوازاً فصيحاً بخلاف أدوات الشرط فإنه لا يجوز ذلك فيها إلا في الشعر نحو