" صفحة رقم ٨٢ "
أفصح لأنها فاصلة رأس آية.
الأنعام :( ٧ ) ولو نزلنا عليك.....
( وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِى قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَاذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ( سبب نزولها اقتراح عبد الله بن أبي أمية وتعنته إذ قال للنبيّ ( ﷺ ) ) : لا أؤمن لك حتى تصعد إلى السماء، ثم تنزل بكتاب فيه من ربّ العزة إلى عبد الله بن أمية يأمرني بتصديقك. وما أراني مع هذا كنت أصدقك. ثم أسلم بعد ذلك وقتل شهيداً بالطائف ولما ذكر تعالى تكذيبهم الحق لما جاءهم ثم وعظهم وذكرهم بإهلاك القرون الماضية بذنوبهم ذكرهم مبالغتهم في التكذيب بأنهم لو رأوا كلاماً مكتوباً ) فِى قِرْطَاسٍ ( ومع رؤيتهم جسوه بأيديهم، لم تزدهم الرؤية واللمس إلا تكذيباً وادعوا أن ذلك من باب السحر لا من باب المعجز عناداً وتعنتاً وإن كان من له أدنى مسكة من عقل لا ينازع فيما أدركه بالبصر عن قريب ولا بما لمسته يده، وذكر اللمس لأنهم لم يقتصروا على الرّؤية لئلا يقولوا سكرت أبصارنا، ولما كانت المعجزات مرئيات ومسموعات ذكر الملموسات مبالغة في أنهم لا يتوقفون في إنكار هذه الأنواع كلها حتى إن الملموس باليد هو عندهم مثل المرئي بالعين والمسموع بالأذن، وذكر اليد هنا فقيل مبالغة في التأكيد ولأن اليد أقوى في اللمس من غيرها من الأعضاء. وقيل : الناس منقسمون إلى بصراء وأضراء، فذكر الطريق الذي يحصل به العلم للفريقين. وقيل : علقه باللمس باليد لأنه أبعد عن السحر. وقيل : اللمس باليد مقدمة الإبصار ولا يقع مع التزوير. وقيل : اللمس يطلق ويراد به الفحص عن الشيء والكشف عنه، كما قال :) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء ( فذكرت اليد حتى يعلم أنه ليس المراد به ذلك اللمس، وجاء ) لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( لأن مثل هذا الغرض يقتضي انقسام الناس إلى مؤمن وكافر، فالمؤمن يراه من أعظم المعجزات والكافر يجعله من باب السحر، ووصف السحر ب ) مُّبِينٌ ( إما لكونه بيناً في نفسه، وإما لكونه أظهر غيره.
( وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ( قال ابن عباس قال النضر بن الحرث وعبد الله بن أبي أمية ونوفل بن خالد : يا محمد لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ومعه أربعة من الملائكة، يشهدون أنه من عند الله وإنك رسوله ؛ انتهى. والظاهر أن قوله ) وَقَالُواْ ( استئناف إخبار من الله، حكى عنهم أنهم قالوا ذلك ويحتمل أن يكون معطوفاً على جواب لو أي :) لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( ولقالوا ) لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ( فلا يكون إذ ذاك هذان القولان المرتبان على تقدير إنزال الكتاب ) فِى قِرْطَاسٍ ( واقعين، لأن التنزيل لم يقع وكان يكون القول الثاني غاية في التعنت، وقد أشار إلى هذا الاحتمال أبو عبد الله بن أبي الفضل قال : في الكلام حذف تقديره ولو أجبناهم إلى ما سألوا لم يؤمنوا
الأنعام :( ٨ ) وقالوا لولا أنزل.....
( وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ ( وظاهر الآية يقتضي أنها في كفار العرب، وذكر بعض الناس أنها في أهل الكتاب والضمير في ) عَلَيْهِ ( عائد على محمد ( ﷺ ) )، والمعنى ) مُلْكُ ( نشاهده ويخبرنا عن الله تعالى بنبوته وبصدقه، و ) لَوْلاَ ( بمعنى هلا للتحضيض وهذا قول من تعنت وأنكر النبوات.
( وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِىَ الاْمْرُ ( أي ) وَلَوْ أَنزَلْنَا ( عليه ) مَلَكًا ( يشاهدونه لقامت القيامة قاله مجاهد. وقال ابن عباس وقتادة والسدّي : في الكلام حذف تقديره ) وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً ( فكذبوه ) لَقُضِىَ الاْمْرُ ( بعذابهم ولم يؤخروا حسب ما سلف في كل أمة. وقالت فرقة : معنى ) لَقُضِىَ الاْمْرُ ( لماتوا من هول رؤية الملك في صورته، ويؤيد هذا التأويل ولو جعلناه ملكاً إلى آخره فإن أهل التأويل مجمعون على أنهم لم يكونوا ليطيقوا رؤية الملك في صورته. وقال ابن عطية : فالأولى في ) لَقُضِىَ الاْمْرُ ( أي لماتوا من هول رؤيته. وقال الزمخشري : لقضي أمر إهلاكهم.
( ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ ( بعد نزوله طرفة عين إما لأنهم إذا عاينوا الملك قد نزل على رسول الله ( ﷺ ) ) في صورته