" صفحة رقم ٩٢ "
مبني لإضافته إلى إذ فهو في موضع رفع بيصرف والتنوين في ) يَوْمَئِذٍ ( تنوين عوض من جملة محذوفة يتضمنها الكلام السابق التقدير يوم، إذ يكونن الجزاء إذ لم يتقدّم جملة مصرّح بها يكون التنوين عوضاً عنها، وتكلم المعربون في الترجيح بين القراءتين على عادتهم فاختار أبو عبيد وأبو حاتم وأشار أبو عليّ إلى تحسينه قراءة ) يُصْرَفْ ( مبنياً للفاعل لتناسب ) فَقَدْ رَحِمَهُ ( ولم يأت فقد رحم ويؤيده قراءة عبد الله وأبي ) مَّن يُصْرَفْ ( الله ورجح الطبري قراءة ) يُصْرَفْ ( مبنياً للمفعول قال : لأنها أقل إضماراً. قال ابن عطية : وأما مكي بن أبي طالب فتخبط في كتاب الهداية في ترجيح القراءة بفتح الياء ومثل في احتجاجه بأمثلة فاسدة. قال ابن عطية : وهذا توجيه لفظي يشير إلى الترجيح تعلقه خفيف، وأما المعنى فالقراءتان واحد ؛ انتهى. وقد تقدّم لنا غير مرّة إنا لا نرجح بين القراءتين المتواترتين. وحكى أبو عمرو الزاهد في كتاب اليواقيت أن أبا العباس أحمد بن يحيى ثعلباً كان لا يرى الترجيح بين القراءات السبع. وقال : قال ثعلب من كلام نفسه إذا اختلف الإعراب في القرآن عن السبعة، لم أفضل إعراباً على إعراب في القرآن فإذا خرجت إلى الكلام كلام الناس فضلت الأقوى ونعم السلف لنا، أحمد بن يحيى كان عالماً بالنحو واللغة متديناً ثقة.
( وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ( الإشارة إلى ب ) ذالِكَ ( المصدر المفهوم ) مَّن يُصْرَفْ ( أي وذلك الصرف هو الظفر والنجاة من الهلكة و ) الْمُبِينُ ( البين في نفسه أو المبين غيره.
الأنعام :( ١٧ ) وإن يمسسك الله.....
( وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلّ شَىْء قَدُيرٌ ( أي إن يصبك وينلك بضرّ وحقيقة المس تلاقي جسمين، ويظهر أن الباء في ) بِضُرّ ( وفي ) بِخَيْرٍ ( للمتعدية وإن كان الفعل متعدياً كأنه قيل :) وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ ( لضر فقد مسك، والتعدية بالباء في الفعل المتعدّي قليلة ومنها قوله تعالى :) وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ ( وقول العرب : صككت أحد الحجرين بالآخر والضر بالصم سوء الحال في الجسم وغيره، وبالفتح ضد النفع وسر السدّي الضر هنا بالسقم والخبر بالعافية. وقيل : الضر الفقر والخير الغنى والأحسن العموم في الضر من المرض والفقر وغير ذلك، وفي الخير من الغنى والصحة وغير ذلك، وفي حديث ابن عباس عن النبي ( ﷺ ) ) :( فقد جف القلم بما هو كائن فلو أن الخلق كلهم جميعاً أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه ). أخرجه الترمذي. والذي يقابل الخير هو الشر وناب عنه هنا الضر وعدل عن الشر، لأن الشر أعم من الضر فأتي بلفظ الضر الذي هو أخص وبلفظ الخير الذي هو عام مقابل لعام تغليباً لجهة الرحمة. قال ابن عطية : ناب الضرّ هنا مناب الشر وإن كان الشر أعم منه، فقابل الخير وهذا من الفصاحة عدول عن قانون التكلف والضعة فإن باب التكلف في ترصيع الكلام أن يكون الشيء مقترناً بالذي يختص به بنوع من أنواع الاختصاص موافقة أو مضاهاة، فمن ذلك ألا تجوع فيها ولا تعرّى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحّي فجاء بالجوع مع الغريّ وبابه أن يكون مع الظمأ ومنه قول امرىء القيس : كأني لم أركب جواد اللذة
ولم أتبطن كاعباً ذات خلخال ولم أسبا الزق الروى ولم أقللخيلي كرى كرة بعد إجفال


الصفحة التالية
Icon