" صفحة رقم ٩٩ "
به كما تقول : فتنت بزيد فعلى هذا يكون المعنى، ثم لم يكن حبهم للأصنام وإعجابهم بها واتباعهم لها لما سئلوا عنها ووقفوا على عجزها إلا التبرؤ منها والإنكار لها، وفي هذا توبيخ لهم كما تقول لرجل كان يدّعي مودّة آخر ثم انحرف عنه وعاداه يا فلان لم تكن مودّتك لفلان إلا أن عاديته وباينته والمعنى على ) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ ( بمعنى مودّتهم وإعجابهم بالأصنام إلا البراءة منهم باليمين المؤكدة لبراءتهم، وتكون الفتنة واقعة في الدنيا وشرحت أيضاً بالاختبار والمعنى : ثم لم يكن اختبارنا إياهم إذ السؤال عن الشركاء وتوقيفهم اختبار لإنكارهم الإشراك وتكون الفتنة هنا واقعة في القيامة، أي : ثم لم يكن جواب اختبار نالهم بالسؤال عن شركائهم إلا إنكار التشريك ؛ انتهى، ملخصاً من كلام ابن عطية مع بعض زيادة. وقال الزمخشري :) فِتْنَتُهُمْ ( كفرهم والمعنى ثم لم تكن عاقبة كفرهم الذي لزموه أعمارهم وقاتلوا عليه وافتخروا به، وقالوا : دين آبائنا إلا جحوده والتبرؤ منه والحلف على الانتفاء من التدين به، ويجوز أن يراد ثم لم يكن جوابهم إلا أن قالوا : فسمى فتنة لأنه كذب ؛ انتهى. والشرح الأول من شرح ابن عطية معناه للزجاج والأول من تفسير الزمخشري لفظه للحسن، ومعناه لابن عباس والثاني لمحمد بن كعب وغيره. قال : التقدير ثم لم يكن جوابهم ) إِلاَّ أَن قَالُواْ ( وسمي هذا القول فتنة لكونه افتراءً وكذباً. وقال الضحاك : الفتنة هنا الإنكار أي ثم لم يكن إنكارهم. وقال قتادة : عذرهم. وقال أبو العالية : قولهم. وقال عطاء وأبو عبيدة : بينهم وزاد أبو عبيدة التي ألزمتهم الحجة وزادتهم لائمة. وقيل : حجتهم، والظاهر أن الضمير عائد على المشركين وأنه عام فيمن أشرك. وقال الحسن : هذا خاص بالمنافقين جروا على عادتهم في الدنيا، وقيل : هم قوم كانوا مشركين ولم يعلموا أنهم مشركون فيحلفون على اعتقادهم في الدنيا. وقرأ الجمهور ) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ ( وحمزة والكسائي بالياء وأبي وابن مسعود والأعمش وما كان فتنتهم، وطلحة وابن مطرف ثم ما كان والابنان وحفص ) فِتْنَتُهُمْ ( بالرفع وفرقة ثم لم يكن بالياء، و ) فِتْنَتُهُمْ ( بالرفع وإعراب هذه القراءات واضح والجاري منها على الأشهر قراءة ثم لم يكن ) فِتْنَتُهُمْ ( بالياء بالنصب، لأن أن مع ما بعدها أجريت في التعريف مجرى المضمر وإذا اجتمع الأعرف وما دونه في التعريف فذكروا إن الأشهر جعل الأعرف هو الاسم وما دونه هو الخبر، ولذلك أجمعت السبعة على ذلك في قوله تعالى :) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ( ) وَمَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ( ومن قرأ بالياء ورفع الفتنة فذكر الفعل لكون تأنيث الفتنة مجازياً أو لوقوعها من حيث المعنى على مذكر، والفتنة اسم يكن والخبر ) إِلاَّ أَن قَالُواْ ( جعل غير الأعرف الاسم والأعرف الخبر ومن قرأ ) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ ( بالتاء ورفع الفتنة فأنث لتأنيث الفتنة والإعراب كإعراب ما تقدم قبله، ومن قرأ ) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ ( بالتاء ) فِتْنَتُهُمْ ( بالنصب فالأحسن أن يقدر ) إِلاَّ أَن قَالُواْ ( مؤنثاً أي ) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ ( إلا مقالتهم. وقيل : ساغ ذلك من حيث كان الفتنة في المعنى. قال أبو علي : وهذا كقوله تعالى :) فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ( فأنث الأمثال لما كانت الحسنات في المعنى. وقال الزمخشري : وقرىء ) تَكُنْ ( بالتاء و ) فِتْنَتُهُمْ ( بالنصب وإنما أتت ) أَن قَالُواْ ( لوقوع الخبر مؤنثاً كقوله : من كانت أمك ؛ انتهى. وتقدم لنا أن الأولى أن يقدر ) أَن قَالُواْ ( بمؤنث أي إلا مقالتهم. وكذا قدره الزجاج بمؤنث


الصفحة التالية
Icon