" صفحة رقم ٢٤٦ "
إن كان فيها رجل. واحد من المسلمين أتهلكونها ؟ قالوا : لا، فعند ذلك قال : إنَّ فيها لوطا، قالوا : نحن أعلم بمن فيها، لننجينه وأهله. وكان ذلك من إبراهيم حرصاً على إيمان قوم لوط ونجاتهم، وكان في القرية أربعة آلاف ألف انسان وتقدم تفسير حليم وأواه ومنيب. يا إبراهيم أي : قالت الملائكة، والاشارة بهذا إلى الجدال والمحاورة في شيء مفروغ منه، والأمر ما قضاه وحكم به من عذابه الواقع بهم لا محالة. ولا مرد له بجدال، ولا دعاء، ولا غير ذلك. وقرأ عمرو بن هرم : وإنهم أتاهم بلفظ الماضي، وعذاب فاعل به عبر بالماضي عن المضارع لتحقق وقوعه كقوله ) أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ).
) وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِىء بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَاذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيّئَاتِ قَالَ ياقَوْمِ قَوْمٌ هَؤُلاء بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ تُخْزُونِ فِى ضَيْفِى أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِى بَنَاتِكَ مِنْ حَقّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ قَالَ لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ اوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ( خرجت الملائكة من قرية إبراهيم إلى قرية لوط وبنيهما قيل : ثمانية أميال. وقيل : أربعة فراسخ، فأتوها عشاء. وقيل : نصف النهار، ووجدوا لوطا في حرث له. وقيل : وجدوا ابنته تستقي ماء في نهر سدوم، وهي أكبر حواضر قوم لوط، فسألوها الدلالة على من يضيفهم، ورأت هيئتهم فخافت عليهم منقوم لوط وقالت لهم : مكانكم، وذهبت إلى أبيها فأخبرته، فخرج إليهم فقالوا : إنّا نريد أنْ تضيفنا الليلة فقال لهم : أو ما سمعتم بعمل هؤلاء القوم ؟ فقالوا : وما عملهم ؟ فقال : أشهد بالله انهم شر قوم في الأرض. وقد كان الله قال للملائكة : لا تعذبوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات، فلما قال هذه قال جبريل : هذه واحدة، وتردد القول منهم حتى كرر لوط الشهادة أربع مرات، ثم دخل لوط المدينة فحينئذ سيء بهم أي : لحقه سوء بسببهم، وضاق ذرعه بهم، وقال : هذا يوم عصيب أي شديد، لما كان يتخوفه من تعدى قومه على أضيافه. وجاءه قومه يهرعون إليه، لما جاء لوط بضيفه لم يعلم بذلك أحداً لا أهل بيته، فخرجت امرأته حتى أتت مجالس قومها فقالت : إن لوطاً قد أضاف الليلة فتية ما رؤي مثلهم جمالاً وكذا وكذا، فحينئذ جاؤا يهرعون أي : يسرعون، كما يدفعون دفعاً فعل الطامع الخائف فوت ما يطلبه. وقرأ الجمهور : يهرعون مبنياً للمفعول من أهرع أي يهرعهم الطمع. وقرأت فرقة : يهرعون بفتح الياء من هرع. وقال مهلهل : فجاؤا يهرعون وهم أسارى
يقودهم على رغم الانوف
ومن قبل كانوا يعملون السيئة أي : كان ذلك ديدنهم وعادتهم، أصروا على ذلك ومرنوا عليه، فليس ذلك بأول انشاء هذه المعصية، جاؤا يهرعون لا يكفهم حياء لضراوتهم عليها، والتقدير في ومن قبل أي : من قبل مجيئهم. إلى هؤلاء الاضياف وطلبهم إياهم. وقيل : ومن قبل بعث لوط رسولاً إليهم. وجمعت السيآت وإن كان المراد بها معصية اتيان الذكور، إما باعتبار فاعليها، أو باعتبار تكررها. وقيل : كانت سيآت كثيرة باختلاف أنواعها، منها اتيان الذكور، واتيان النساء في غير المأتي، وحذف الحصا، والحيق في المجالس والاسواق، والمكاء، والصفير، واللعب بالحمام، والقمار، والاستهزاء بالناس في الطرقات، ووضع درهم على الأرض وهم بعيدون منه فمن أخذه صاحوا عليه وخجلوه، وإنْ أخذه صبي تابعوه وراودوه. هؤلاء بناتي : الاحسن أنْ تكون الإضافة مجازية، أي : بنات قومي، أي البنات أطهر لكم، إذا لنبي يتنزل منزلة الاب لقومه. وفي قراءة ابن مسعود :) النَّبِىُّ أَوْلَى


الصفحة التالية
Icon