" صفحة رقم ٣٩٦ "
) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوء الْعَذَابِ وَيُذَبّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُون ( سقط : نساءكم وفي ذالكم بلاء من ربكم عظيم، وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم وإن كفرتم إن عذابي لشديد، وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن معكم جميعا فإن الله غني حميد ) َ ( : لما تقدم أمره تعالى لموسى بالتذكير بأيام الله، ذكرهم بما أنعم تعالى عليهم من نجاتهم من آل فرعون، وفي ضمنها تعداد شيء مما جرى عليهم من نقات الله. وتقدم إعراب إذ في نحو هذا التركيب في قوله :) وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُم أَعْدَاء ( وتفسير هذه الآية، إلا أنَّ هنا : ويذبحون بالواو، وفي البقرة بغير واو، وفي الأعراف ) يَقْتُلُونَ ( فحيث لم يؤت بالواو وجعل الفعل تفسيراً لقوله : يسومونكم. وحيث أتى بها دلّ على المغايرة. وأنّ سوم سوء العذاب كان بالتذبيح وبغيره، وحيث جاء يقتلون جاء باللفظ المطلق المحتمل للتذبيح، ولغيره من أنواع القتل. وقرأ ابن محيصن : ويذبحون مضارع ذبح ثلاثياً، وقرأ زيد بن علي كذلك، إلا أنه حذف الواو. وتقدم شرح تأذن وتلقيه بالقسم في قوله في الأعراف :) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ ( واحتمل إذ أن يكون منصوباً ب ( ذكروا )، وأن يكون معطوفاً على إذ أنجاكم، لأنّ هذا الإعلام بالمزيد على الشكر من نعمه تعالى. والظاهر أنّ متعلق الشكر هو الإنهام أي : لئن شكرتم إنعامي، وقاله الحسن والربيع. قال الحسن : لأزيدنكم من طاعتي. وقال الربيع : لأزيدنكم من فضلي. وقال ابن عباس : أي لئن وحدتم وأطعتم لأزيدنكم في الثواب. وكأنه راعى ظاهر المقابلة في قوله : ولئن كفرتم إن عذابي لشديد. وظاهر الكفر المراد به الشرك، فلذلك فسر الشكر بالتوحيد والطاعة وغيره. قال : ولئن كفرتم، أي نعمتي فلم تشكروها، رتب العذاب الشديد على كفران نعمة الله تعالى، ولم يبين محل الزيادة، فاحتمل أن يكون في الدنيا أو في الآخرة، أو فيهما، وجاء التركيب على ما عهد في القرآن من أنه إذا ذكر الخبر أسند إليه تعالى. وإذ ذكر العذاب بعده عدل عن نسبته إليه فقال : لأزيدنكم، فنسب الزيادة إليه وقال : إنّ عذابي لشديد، ولم يأت التركيب لأعذبنكم، وخرج في لأزيدنكم بالمفعول، وهنا لم يذكر، وإن كان المعنى عليه أي : إنّ عذابي لكم لشديد. وقرأ عبد الله : وإذ قال ربكم، كأنه فسر قوله : تأذن، لأنه بمعنى أذن أي : أعلم، وأعلم يكون بالقول. ثم نبه موسى عليه السلام قومه على أنّ الباري تعالى، وإن أوعد بالعذاب الشديد على الكفر، فهو غير مفتقر إلى شكركم، لأنه تعالى هو الغني عن شكركم، الحميد المستوجب الحمد على ما أسبغ من نعمه، وإن لم يحمده الحامدون، فثمرة شكركم إنما هي عائدة إليكم. وأنتم خطاب لقومه وقال : ومن في الأرض يعني : الناس كلهم، لأنّ من كان في العالم العلوي وهم الملائكة لا يدخلون في من في الأرض، وجواب إنْ تكفروا محذوف لدلالة المعنى التقدير : فإنما ضرر كفركم لاحق بكم، والله تعالى متصف بالغني المطلق. والحمد سواء. كفروا أم شكروا، وفي خطابه لهم تحقير لشأنهم، وتعظيم لله تعالى، وكذلك في ذكر هاتين الصفتين.
( ) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُمْ ( سقط : فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب، قالت رسلهم أفي الله شك ) ( :


الصفحة التالية
Icon