" صفحة رقم ٤١١ "
الزمخشري : كل شجرة مثمرة طيبة الثمار كالنخلة، وشجرة التين، والعنب، والرمان، وغير ذلك انتهى.
وقد شبه الرسول المؤمن الذي يقرأ القرآن بالأترجة، فلا يبعد أن يشبه أيضاً بشجرتها. أصلها ثابت أي : في الأرض ضارب بعروقه فيها. وقرأ نس بن مالك : كشجرة طيبة ثابت أصلها، أجريت الصفة على الشجرة لفظاً وإن كانت في الحقيقة للسبي. وقراءة الجماعة فيها إسناد الثبوت إلى السبي لفظاً ومعنى، وفيها حسن التقسيم، إذ جاء أصلها ثابت وفرعها في السماء، يريد بالفرع أعلاها ورأسها، وإن كان المشبه به ذا فروع، فيكون من باب الاكتفاء بلفظ الجنس. ومعنى في السماء : جهة العلو والصعود لا المظلة. وفي الحديث :( خلق الله آدم طوله في السماء ستون ذراعاً ) ولما شبهت الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة كانت الكلمة أصلها ثابت في قلوب أهل الإيمان، وما يصدر عنها من الأفعال الزكية والأعمال الصالحة هو فرعها يصعد إلى السماء إلى الله تعالى :) إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ( وما يترتب على ذلك العمل وهو ثواب الله هو جناها، ووصف هذه الشجرة بأربعة أوصاف : الأول قوله : طيبة، أي كريمة المنبت، والأصل في الشجرة له لذة في المطعم. قال الشاعر : طيب الباءة سهل ولهم
سبل إن شئت في وحش وعر
أي ساحتهم سهلة طيبة. الثاني : رسوخ أصلها، وذلك يدل على تمكنها، وأنّ الرياح لا تقصفها، فهي بطيئة الفناء، وما كان كذلك حصل الفرح بوجدانه. والثالث : علو فرعها، وذلك يدل على تمكن الشجرة ورسوخ عروقها، وعلى بعدها عن عفونات الأرض، وعلى صفائها من الشوائب. الرابع : ديمومة وجود ثمرتها وحضورها في كل الأوقات. والحين في اللغة قطعة من الزمان قال الشاعر : تناذرها الراقون من سوء سمها
تطلقه حيناً وحيناً تراجع
والمعنى : تعطي جناها كل وقت وقته الله له. وقال ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، والحسن، أي كل سنة، ولذلك قال ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، والحكم، وحماد، وجماعة من الفقهاء : من حلف أنْ لا يفعل شيئاً حيناً فإنه لا يفعله سنة، واستشهدوا بهذه الآية. وقيل : ثمانية أشهر قاله علي ومجاهد، ستة أشهر وهي مدة بقاء الثمر عليها.
وقال ابن المسيب : الحين شهران، لأن النخلة تدوم مثمرة شهرين. وقيل : لا تتعطل من ثمر تحمل في كل شهر، وهي شجرة جوز الهند. وقال ابن عباس أيضاً والشحاك، والربيع : كل حين أي كل غدوة وعشية، ومتى أريد جناها ويتخرج على أنها شجرة في الجنة. والتذكر المرجو بضرب المثل هو التفهم والتصور للمعاني المدركة بالعقل، فمتى أبرزت بالمحسوسات لم ينازع فيها الحس والخيال والوهم، وانطبق المعقول على المحسوس، فحصل الفهم والوصول إلى المطلوب. والكلمة الخبيثة هي كلمة الكفر على قول الجمهور. وقال مسروق : الكذب، وقال : إن تجر دعوة الكفر وما يعزى إليه الكافر. وقيل : كل كلام لا يرضاه الله تعالى. وقرأ أبي : وضرب الله مثلاً كلمة خبيثة، وقرىء : ومثل كلمة بنصب مثل عطفاً على كلمة طيبة. والشجرة الخبيثة شجرة الحنظل قاله الأكثرون : ابن عباس، ومجاهد، وأنس بن مالك، ورواه عن النبي ( ﷺ ) ). وقال الزجاج وفرقة : شجرة الثوم. وقيل : شجرة الكشوت، وهي شجرة لا ورق لها ولا أصل قال : وهي كشوت فلا أصل ولا ثمر. وقال ابن عطية : ويرد على هذه الأقوال أن هذه كلها من النجم وليست من الشجر، والله تعالى إنما مثل بالشجر فلا تسمى هذه شجرة إلا بتحوّز، فقد قال رسول الله ( ﷺ ) ) في الثوم والبصل ( من أكل من هذه الشجرة )


الصفحة التالية
Icon