" صفحة رقم ٤٦٧ "
إن الذي قضى بذا قاض حكم
أن يرد الماء إذا غاب النجم
قال : يريد النجوم. مثل قوله :
حتى إذا ابتلت حلاقيم الحلق
يريد : الحلوق. والتسكين : قيل تخفيف، وقيل : لغة. وعن السدي : هو الثريا، والفرقدان، وبنات نعش، والجدي. وقال الفراء : المراد الجدي والفرقدان انتهى. قيل : والجدي هو السابع من بنات نعش الصغرى، والفرقدان الأولان منها، وليس بالجدي الذي هو المنزلة، وبعضهم يصغره فيقول : جدي. وفي الحديث عن ابن عباس أنه سأل الرسول ( ﷺ ) ) عن قوله : وبالنجم، فقال :( هو الجدي ) ولو صح هذا لم يعدل أحد عنه. وقال ابن عباس : عليه قبلتكم، وبه تهتدون في بركم وبحركم. وقيل : هو القطب الذي لا يجري. وقيل : هو الثريا. وقال الشاعر : إذا طلب الجوزاء والنجم طالع
فكل مخاضات الفرات معابر
وقال آخر : حتى إذا ما استقل النجم في غلس
وغودر البقل ملوى ومحصود أي ومنه ملوى، ومنه محصود، وذلك إنما يكون عند طلوع الثريا. وهم : ضمير غيبة خرج من الخطاب إلى الغيبة، كان الضمير النعت به إلى قريش إذ كان لهم اهتداء بالنجوم في مسايرهم، وكان لهم بذلك علم لم يكن لغيرهم، فكان الشكر أوجب عليهم والاعتبار ألزم لهم. وقدم المجرور على ما يتعلق به اعتناء ولأجل الفاصلة. والزمخشري على عادته كأنه قيل : وبالنجم خصوصاً هم يهتدون.
( أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ إِلَاهُكُمْ إِلاهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ لاَ جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ( : ذكر تعالى التباين بين من يخلق وهو الباري تعالى، وبين من لا يخلق وهي الأصنام، ومن عبد ممن لا يعقل، فجدير أن يفرد بالعبادة من له الإنشاء دون غيره. وجيء بمن في الثاني لاشتمال المعبود غير الله على من يعقل وما لا يعقل، أو لاعتقاد الكفار أنّ لها تأثيراً وأفعالاً، فعوملت معاملة أولي العلم، أو للمشاكلة بينه وبين من يخلق، أو لتخصيصه بمن يعلم. فإذا وقعت البينونة بين الخالق وبين غير الخالق، من أولي العلم فكيف بمن لا يعلم البتة كقوله :) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا ( أي : أن آلهتهم منحطة عن حال من له أرجل، لأنّ من له هذه حي، وتلك أموات، فكيف يصح أن يعبد لا أن من له رجل يصح أن يعبد ؟ قال الزمخشري :( فإن قلت ) : هو إلزام للذين عبدوا الأوثان وسموها آلهة تشبيهاً بالله، فقد جعلوا غير الخالق مثل الخالق، فكان حق الإلزام أن يقال لهم : أفمن لا يخلق كمن يخلق


الصفحة التالية
Icon