" صفحة رقم ٤٨٧ "
مخصوصاً بالضرورة نحو قوله : أينما الريح تميلها تمل. التقدير : أينما تميلها الريح تميلها تمل. ولما ذكر تعالى أنّ جميع النعم منه ذكر حالة افتقار العبد إليه وحده، حيث لا يدعو ولا يتضرع لسواه، وهي حالة الضر والضر، يشمل كل ما يتضرر به من مرض أو فقر أو حبس أو نهب مال وغير ذلك. وقرأ الزهري : تجرون بحذف الهمزة، وإلقاء حركتها على الجيم. وقرأ قتادة : كاشف، وفاعل هنا بمعنى فعل، وإذا الثانية للفجاءة. وفي ذلك دليل على أنّ إذا الشرطية ليس العامل فيها الجواب، لأنه لا يعمل ما بعد إذا الفجائية فيما قبلها. ومنكم : خطاب للذين خوطبوا بقوله : وما بكم من نعمة، إذ بكم خطاب عام. والفريق هنا هم المشركون المعتقدون حالة الرجاء أنّ آلهتهم تنفع وتضر وتشقى. وعن ابن عباس : المنافقن. وعن ابن السائب : الكفار. ومنكم في موضع الصفة، ومِنْ للتبعيض، وأجاز الزمخشري أن تكون من للبيان لا للتبعيض قال : كأنه قال فإذا فريق كافروهم أنتم. قال : ويجوز أن تكون فيهم من اعتبر كقوله :) فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ ( انتهى واللام في ليكفروا، إن كانت للتعليل كان المعنى : أنّ إشراكهم بالله سببه كفرهم به، أي جحودهم أو كفران نعمته، وبما آتيناهم من النعم، أو من كشف الضر، أو من القرآن المنزل إليهم. وإن كانت للصيرورة فالمعنى : صار أمرهم ليكفروا وهم لم يقصدوا بأفعالهم تلك أن يكفروا، بل آل أمر ذلك الجوار والرغبة إلى الكفر بما أنعم عليهم، أو إلى الكفر الذي هو جحوده والشرك به. وإن كانت للأمر فمعناه التهديد والوعيد. وقال الزمخشري : ليكفروا فتمتعوا، يجوز أن يكون من الأمر الوارد في معنى الخذلان والتخلية، واللام لام الأمر انتهى. ولم يخل كلامه من ألفاظ المعتزلة، وهي قوله : في معنى الخذلان والتخلية. وقرأ أبو العالية : فيمتعوا بالياء باثنتين من تحتها مضمومة مبنياً للمفعول، ساكن الميم وهو مضارع متع مخففاً، وهو معطوف على ليكفروا، وحذفت النون إما للنصب عطفاً إنْ كان يكفروا منصوباً، وإما للجزم إن كان مجزوماً أن كان عطفاً، وأن للنصب إن كان جواب الأمر. وعنه : فسوف يعلمون بالياء على الغيبة، وقد رواهما مكحول الشامي عن أبي رافع مولى النبي عن النبي ( ﷺ ) ). والتمتع هنا هو بالحياة الدنيا ومآلها إلى الزوال.
( وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مّمّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِالاْنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوء مَا بُشّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى التُّرَابِ أَلاَ سَآء مَا يَحْكُمُونَ ( : الضمير في : ويجعلون، عائد على الكفار. والظاهر أنه في يعلمون عائد عليهم. وما هي الأصنام أي : للأصنام التي لا يعلم الكفار أنها تضر وتنفع، أو لا يعلمون في اتخاذها آلهة حجة ولا برهاناً. وحقيقتها أنها جماد لا تضر ولا تنفع ولا تشفع، فهم جاهلون بها. وقيل : الضمير في لا يعلمون للأصنام أي : للأصنام التي لا تعلم شيئاً ولا تشعر به، إذ هي جماد ل يقم بها على البتة. والنصيب : هو ما جعلوه لها من الحرث والأنعام، قبح تعالى فعلهم ذلك، وهو أن يفردوا نصيباً مما أنعم به تعالى عليهم لجمادات لا تضر ولا تنفع، ولا تنتفع هي بجعل ذلك النصيب لها، ثم أقسم تعالى