" صفحة رقم ٤٩٢ "
وَمِن ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالاْعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِى ذالِكَ لآيَةً لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِى مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِى مِن كُلّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِى سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآء لِلنَّاسِ إِنَّ ( : لما ذكر الله تعالى إحياء الأرض بعد موتها، ذكر ما ينشأ عن ما ينشأ عن المطر وهو حياة الأنعام التي هي مألوف العرب بما يتناوله من النبات الناشىء عن المطر، ونبه على العبرة العظيمة وهو خروج اللبن من بين فرث ودم. وقرأ ابن مسعود بخلاف، والحسن، وزيد بن علي، وابن عامر، وأبو بكر، ونافع، وأهل المدينة. نسقيكم هنا، وفي قد أفلح المؤمنون : بفتح النون مضارع سقى، وباقي السبعة بضمها مضارع أسقى، وتقدم الكلام في سقى وأسقى في قوله ) فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ ( وقرأ أبو رجاء : يسقيكم بالياء مضمومة، والضمير عائد على الله أي : يسقيكم الله. قال صاحب اللوامح : ويجوز أن يكون مسنداً إلى النعم، وذكر لأنّ النعم مما يذكر ويؤنث ومعناه : وأنّ لكم في الأنعام نعماً يسقيكم أي : يجعل لكم سقياً انتهى. وقرأت فرقة : بالتاء مفتوحة منهم أبو جعفر. قال ابن عطية : وهي ضعيفة انتهى. وضعفها عنده والله أعلم من حيث أنث في تسقيكم، وذكر في قوله مما في بطونه، ولا ضعف في ذلك من هذه الجهة، لأن التأنيث والتذكير باعتبار وجهين، وأعاد الضمير مذكراً مراعاة للجنس، لأنه إذا صح وقوع المفرد الدال على الجنس مقام جمعه جاز عوده عليه مذكراً كقولهم : هو أحسن الفتيان وأنبله، لأنه يصح هو أحسن فتى، وإن كان هذا لا ينقاس عند سيبويه، إنما يقتصر فيه على ما قالته العرب. وقيل : جمع التكسير فيما لا يعقل يعامل معاملة الجماعة، ومعاملة الجمع، فيعود الضمير عليه مفرداً. كقوله :
مثل الفراخ نبقت حواصله
وقيل : أفرد على تقدير المذكور كما يفرد اسم الإشارة بعد الجمع كما قال : فيها خطوط من سواد وبلق
كأنه في الجلد توليع البهق
فقال : كأنه وقدر بكان المذكور. قال الكسائي : أي في بطون ما ذكرنا. قال المبرد : وهذا سائغ في القرآن قال تعالى :) إِنَّ هَاذِهِ تَذْكِرَةٌ ( ) فَمَن شَاء ذَكَرَهُ ( أي ذكر هذا الشيء. وقال :) فَلَماَّ رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَاذَا رَبّى ( أي هذا الشيء الطالع. ولا يكون هذا إلا في التأنيث المجازى، لا يجوز جاريتك ذهب. وقالت فرقة : الضمير عائد على البعض، إذ الذكور لا ألبان لها فكأنّ العبرة إنما هي في بعض الأنعام. وقال الزمخشري : ذكر سيبويه الأنعام في باب ما لا ينصرف في الأسماء المفردة على أفعال كقولهم : ثواب


الصفحة التالية
Icon