" صفحة رقم ١٠٤ "
وَهُمْ فِى فَجْوَةٍ مّنْهُ ذالِكَ ). ( سقط : من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا )
هنا جمل محذوفة دل عليها ما تقدم، والتقدير ) فَأْوُواْ إِلَى الْكَهْفِ ( فألقى الله عليهم النوم واستجاب دعاءهم وأرفقهم في الكهف بأشياء. وقرأ الحرميان، وأبو عمر و ) تَّزَاوَرُ ( بإدغام تتزاور في الزاي. وقرأ الكوفيون، والأعمش، وطلحة، وابن أبي ليلى، وابن مناذر، وخلف، وأبو عبيد، وابن سعدان، ومحمد بن عيسى الأصبهاني، وأحمد بن جبير الأنطاكي بتخفيف الزاي إذا حذفوا التاء. وقرأ ابن أبي إسحاق، وابن عامر، وقتادة، وحميد، ويعقوب عن العمري : تزورّ على وزن تحمر. وقرأ الجحدري، وأبو رجاء، وأيوب السختياني، وابن أبي عبلة، وجابر، وورد عن أيوب ) تزوار ( على وزن تحمارّ. وقرأ ابن مسعود، وأبو المتوكل : تزوئرُّ بهمزة قبل الراء على قولهم ادهأمّ واشعألّ فراراً من التقاء الساكنين، والمعنى تزوغ وتميل.
و ) كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ( جهة يمين الكهف، وحقيقته الجهة المسماة باليمين يعني يمين الداخل إلى الكهف أو يمين الفتية. و ) تَّقْرِضُهُمْ ( لا تقر بهم من معنى القطيعة ) وَهُمْ فِى فَجْوَةٍ ( أي متسع من الكهف. وقرأ الجمهور :) تَّقْرِضُهُمْ ( بالتاء. وقرأت فرقة بالياء أي يقرضهم الكهف. قال ابن عباس : المعنى أنهم كانوا لا تصيبهم الشمس ألبتة. وقالت فرقة : إنها كانت الشمس بالعشي تنالهم بما في مسها صلاح لأجسامهم، وهذه الصفة مع الشمس تقتضي أنه كان لهم حاجب من جهة الجنوب، وحاجب من جهة الدبور، وهم في زاوية. وقال عبد الله بن مسلم : كان باب الكهف ينظر إلى بنات نعش وعلى هذا كان أعلى الكهف مستوراً من المطر. قال ابن عطية : كان كهفهم مستقبل بنات نعش لا تدخله الشمس عند الطلوع ولا عند الغروب، اختار الله لهم مضجعاً متسعاً في مقناة لا تدخل عليهم الشمس فتؤذيهم وتدفع عنهم كربة الغار وغمومه. وقال الزمخشري : المعنى أنهم في ظل نهارهم كله لا تصيبهم الشمس في طلوعها ولا غروبها مع أنهم في مكان واسع منفتح معرّض لإصابة الشمس لولا أن الله يحجبها عنهم انتهى. وهو بسط قول الزجاج.
قال الزجاج : فعل الشمس آية ) مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ( دون أن يكون باب الكهف إلى جهة توجب ذلك. وقال أبو عليّ : معنى ) تَّقْرِضُهُمْ ( تعطيهم من ضوئها شيئاً ثم تزول سريعاً كالقرض يسترد، والمعنى عنده أن الشمس تميل بالغدوة وتصيبه بالعشي إصابة خفيفة انتهى. ولو كان من القرض الذي يعطي ثم يسترد لكان الفعل رباعياً فكان يكون تقرضهم بالتاء مضمومة. لكنه من القطع، وإنما التقدير تقرض لهم أي تقطع لهم من ضوئها شيئاً. قيل : ولو كانت الشمس لا تصيب مكانهم أصلاً لكان يفسد هواؤه ويتعفن ما فيه فهلكوا، والمعنى أن تعالى دبر أمرهم فأسكنههم مسكناً لا يكثر سقوط الشمس فيه فيحمي، ولا تغيب عنه غيبوبة دائمة فيعفن. والإشارة بذلك إلى ما صنعه تعالى بهم من ازورار الشمس وقرضها طالعة وغاربة آية من آياته يعني أن ما كان في ذلك السمت تصيبه الشمس ولا تصيبهم اختصاصاً لهم بالكرامة، ومن قال أنه كان مستقبل بنات نعش بحيث كان له حاجب من الشمس كان الإشارة إلى أن حديثهم ) مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ( وهو هدايتهم إلى توحيده وإخراجهم من بين عبدة الأوثان وإيواؤهم إلى ذلك الكهف، وحمايتهم من عدوّهم وإلقاء الهيبة عليهم، وصرف الشمس عنهم يميناً وشمالاً لئلا تفسد أجسامهم وإنامتهم هذه المدة الطويلة، وصونهم من البلي وثيابهم من التمزّق.
ويدل على أنه إشارة إلى الهداية قوله ) مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ( وهو لفظ عام يدخل فيه ما سبق نسبتهم وهم أهل الكهف، ( وَمَن يُضْلِلِ ( عام أيضاً مثل دقيانوس الكافر وأصحابه،
الكهف :( ١٨ ) وتحسبهم أيقاظا وهم.....
والخطاب في ) وَتَحْسَبُهُمْ ( وفي ) وَتَرَى الشَّمْسَ ( لمن قدر له أنه يطلع عليهم. قيل : كانوا مفتحة أعينهم وهم نيام فيحسبهم الناظر منتبهين. قال أبو محمد بن عطية : ويحتمل أن يحسب


الصفحة التالية
Icon