" صفحة رقم ١١٣ "
الله تعالى، وهل هو في موضع رفع أو نصب وهل ) أَسْمِعْ ( و ) أَبْصَارُ ( أمران حقيقة أم أمران لفظاً معناهما إنشاء التعجب في ذلك خلاف مقرر في النحو. وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون المعنى ) أَبْصَارُ ( بدين الله ) وَاسْمَعْ ( أي بصر بهدي الله وسمع فترجع الهاء إما على الهدى إما على الله ذكره ابن الأنباري. وقرأ عيسى : أسمع به وأبصر على الخبر فعلاً ماضياً لا على التعجب، أي ) أَبْصَارُ ( عباده بمعرفته وأسمعهم، والهاء كناية عن الله تعالى.
والضمير في قوله ) مَّا لَهُم ( قال الزمخشري : لأهل السموات والأرض من ) وَلِيُّ ( متول لأمورهم ) وَلاَ يُشْرِكْ ( قضائه ) أَحَدًا ( منهم. وقيل : يحتمل أن يعود على أصحاب الكهف أي هذه قدرته وحده. ولم يوالهم غيره يتلطف بهم ولا أشرك معه أحداً في هذا الحكم. ويحتمل أن يعود على معاصري الرسول ( ﷺ ) ) من الكفارة ومشاقيه، وتكون الآية اعتراضاً بتهديد قاله ابن عطية. وقيل : يحتمل أن يعود على مؤمني أهل السموات والأرض أي لن يتخذ من دونه ولياً. وقيل : يعود على المختلفين في مدة لبثهم أي ليس لهم من دون الله من يتولى تدبيرهم، فكيف يكونون أعلم منه ؟ أو كيف يعلمون من غير إعلامه إياهم ؟ وقرأ الجمهور :) وَلاَ يُشْرِكْ ( بالياء على النفي. وقرأ مجاهد بالياء والجزم. قال يعقوب : لا أعرف وجهه. وقرأ ابن عامر والحسن وأبو رجاء وقتادة والجحدري وأبو حيوة وزيد وحميد ابن الوزير عن يعقوب والجعفي واللؤلؤي عن أبي بكر : ولا تشرك بالتاء والجزم على النهي.
الكهف :( ٢٧ ) واتل ما أوحي.....
ولما أنزل عليه ما أنزل من قصة أهل الكهف أمره بأن يقص ويتلو على معاصريه ما أوحي إليه تعالى من كتابه في قصة أهل الكهف وفي غيرهم، وأن ما أوحاه إليه ) لاَ مُبَدّلَ ( له و ) لاَ مُبَدّلَ ( عام و ) لِكَلِمَاتِهِ ( عام أيضاً فالتخصيص إما في ) لاَ مُبَدّلَ ( أي لا مبدل له سواه، ألا ترى إلى قوله ) وَإِذَا بَدَّلْنَآ ءايَةً مَّكَانَ ءايَةٍ ( وإما في كلماته أي ) لِكَلِمَاتِهِ ( المتضمنة الخبر لأن ما تضمن غير الخبر وقع النسخ في بعضه، وفي أمره تعالى أن يتلو ما أوحي إليه وإخباره أنه لا مبدّل ) لِكَلِمَاتِهِ ( إشارة إلى تبديل المتنازعين في أهل الكهف، وتحريف أخبارهم والملتحد الملتجأ الذي تميل إليه وتعدل.
الكهف :( ٢٨ ) واصبر نفسك مع.....
( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَلاَ ).
قال كفار قريش لو أبعدت هؤلاء عن نفسك لجالسناك وصحبناك، يعنون عماراً وصهيباً وسلمان وابن مسعود وبلالاً ونحوهم من الفقراء، وقالوا : إن ريح جبابهم تؤذينا، فنزلت ) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ( الآية، وعن سلمان أن قائل ذلك عيينة بن حصن والأقرع وذووهم من المؤلفة فنزلت، فالآية على هذا مدنية والأول أصح لأن السورة مكية، وفعل المؤلفة فعل قريش فردّ بالآية عليهم ) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ( أي أحبسها وثبتها. قال أبو ذؤيب : فصبرت عارفة لذلك حرة
ترسو إذا نفس الجبان تطلع
وفي الحديث النهي عن صبر الحيوان أي حبسه للرمي، و ) مَّعَ ( تقتضي الصحبة والموافقة والأمر بالصبر هنا يظهر منه كبير اعتناء بهؤلاء الذين أمر أن يصبر نفسه معهم. وهي أبلغ من التي في الأنعام ) وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ ( الآية. وقال ابن عمر ومجاهد وإبراهيم :) بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىّ ( إشارة إلى الصلوات الخمس. وقال قتادة : إلى صلاة الفجر وصلاة العصر، وقد يقال : إن ذلك يراد به العموم أي ) يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ( دائماً، ويكون مثل : ضرب زيد الظهر


الصفحة التالية
Icon