" صفحة رقم ١٧١ "
بمعنى مفعول كعين كحيل أي مبغية بطلبها أمثالها.
مريم :( ٢١ ) قال كذلك قال.....
( قَالَ كَذالِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ ( الكلام عليه كالكلام السابق في قصة زكريا ) وَلِنَجْعَلَهُ ( يحتمل أن يكون معطوفاً على تعليل محذوف تقديره لنبين به قدرتنا ) وَلِنَجْعَلَهُ ( أو محذوف متأخر أي فعلنا ذلك، والضمير في ) وَلِنَجْعَلَهُ ( عائد على الغلام وكذلك في قوله ) وَكَانَ ( أي وكان وجوده ) أمْراً ( مفروغاً منه، وكونه رحمة من الله أي طريق هدى لعالم كثير فينالون الرحمة بذلك. وذكروا أن جبريل عليه السلام نفخ في جيب درعها أو فيه وفي كمها وقال : أي دخل الروح المنفوخ من فمها، والظاهر أن المسند إليه النفخ هو الله تعالى لقوله ) فَنَفَخْنَا ( ويحتمل ما قالوا :
مريم :( ٢٢ ) فحملته فانتبذت به.....
( فَحَمَلَتْهُ ( أي في بطنها والمعنى فحملت به. قيل : وكانت بنت أربع عشرة سنة. وقيل : بنت خمس عشرة سنة قاله وهب ومجاهد. وقيل : بنت ثلاث عشرة سنة. وقيل : اثنتي عشرة سنة. وقيل : عشرة سنين. قيل : بعد أن حاضت حيضتين. وحكى محمد بن الهيصم أنها لم تكن حاضت بعد. وقيل : لم تحض قط مريم وهي مطهرة من الحيض، فما أحست وخافت ملامة الناس أن يظن بها الشر فارتمت به إلى مكان قصي حياءً وفراراً. روي إنها فرت إلى بلاد مصر أو نحوها قاله وهب. وقيل : إلى موضع يعرف ببيت لحم بينه وبين إيليا أربعة أميال. وقيل : بعيداً من أهلها وراء الجبل. وقيل : أقصى الدار. وقيل : كانت سميت لابن عم لها اسمه يوسف فلما قيل حملت من الزنا خاف عليها قتل الملك هرب بها، فلما كان ببعض الطريق حدثته نفسه بأن يقتلها فأتاه جبريل عليه السلام فقال : إنه من روح القدس فلا تقتلها فتركها حملته في ساعة واحدة فكما حملته نبذته عن ابن. وقيل : كانت مدة الحمل ثلاث ساعات. وقيل : حمل في ساعة وصور في ساعة ووضعته في ساعة. وقيل : ستة أشهر. وعن عطاء وأبي العالية والضحاك : سبعة أشهر. وقيل : ثمانية ولم يعش مولود وضع لثمانية إلاّ عيسى وهذه أقوال مضطربة متناقضة كان ينبغي أن يضرب عنها صفحاً إلاّ أن المفسرين ذكروها في كتبهم وسوّدوا بها الورق، والباء في ) بِهِ ( للحال أي مصحوبة به أي اعتزلت وهو في بطنها كما قال الشاعر : تدوس بنا الجماجم والتريبا أي تدوس الجماجم ونحن على ظهورها.
مريم :( ٢٣ ) فأجاءها المخاض إلى.....
ومعنى ) فَأَجَاءهَا ( أي جاء بها تارة فعدي جاء بالباء وتارة بالهمزة. قال الزمخشري : إلاّ أن استعماله قد يغير بعد النقل إلى معنى الإلجاء الإتراك، لا تقول : جئت المكان وأجاءنيه زيد كما تقول : بلغته وأبلغنيه، ونظيره آتى حيث لم يستعمل إلاّ في الإعطاء ولم يقل آتيت المكان وآتانيه فلان انتهى. أما قوله وقول غيره إن الاستعمال غيره إلى معنى الإلجاء فيحتاج إلى نقل أئمة اللغة المستقرئين ذلك عن لسان العرب، والإجاءة تدل على المطلق فتصلح لما هو بمعنى الإلجاء ولما هو بمعنى الاختيار كما لو قلت : أقمت زيداً فإنه قد يكون مختاراً لذلك وقد يكون قد قسرته على القيام. وأما قوله الإتراك لا تقول إلى آخره فمن رأى أن التعدية بالهمزة قياس أجاز لك ولو لم يسمع ومن لا يراه قياساً فقد سمع ذلك في جاء حيث قالوا : أجاء فيجيز ذلك، وأما تنظيره ذلك بآتي فهو تنظير غير صحيح لأنه بناه على أن الهمزة فيه للتعدية، وأن أصله أتى وليس كذلك بل آتى مما بُني على أفعل وليس منقولاً من أتى بمعنى جاء، إذ لو كان منقولاً من أتى المتعدية لواحد لكان ذلك الواحد هو المفعول الثاني، والفاعل هو الأول إذا عديته بالهمزة تقول : أتى المال زيداً، وآتى عمراً زيداً المال، فيختلف التركيف بالتعدية لأن زيداً عند النحويين هو المفعول الأول والمال هو المفعول الثاني. وعلى ما ذكره الزمخشري كان يكون العكس فدل على أنه ليس على ما قاله. وأيضاً فآتى مرادف لأعطى فهو مخالف من حيث الدلالة في