" صفحة رقم ١٨٨ "
مريم :( ٥٢ ) وناديناه من جانب.....
و ) الطُّورِ ( الجبل المشهور بالشام، والظاهر أن ) الاْيْمَانَ ( صفة للجانب لقوله في آية أخرى ) جَانِبِ الطُّورِ الاْيْمَنِ ( بنصب الأيمن نعتاً لجانب الطور، والجبل نفسه لا يمنة له ولا يسرة ولكن كان على يمين موسى بحسب وقوفه فيه، وإن كان من اليمن احتمل أن يكون صفة للجانب وهو الراجح ليوافق ذلك في الآيتين، واحتمل أن يكون صفة للطور إذ معناه الأسعد المبارك.
قال ابن القشيري : في الكلام حذف وتقديره ) وَنَادَيْنَاهُ ( حين أقبل من مدين ورأى النار من الشجرة وهو يريد من يهديه إلى طريق مصر ) مِن جَانِبِ الطُّورِ ( أي من ناحية الجبل. ) وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً ( قال الجمهور : تقريب التشريف والكلام واليوم. وقال ابن عباس : أدنى موسى من الملكوت ورفعت له الحجب حتى سمع صريف الأقلام، وقاله أبو العالية وميسرة. وقال سعيد : أردفه جبريل عليه السلام. قال الزمخشري : شبهه بمن قربه بعض العظماء للمناجاة حيث كلمه بغير واسطة ملك انتهى. ونجي فعيل من المناجاة بمعنى مناج كالجليس، وهو المنفرد بالمناجاة وهي المسارة بالقول. وقال قتادة : معنى نجاه صدقه
مريم :( ٥٣ ) ووهبنا له من.....
ومن في من رحمتنا للسبب أي من أجل رحمتنا له أو للتبعيض أي بعض رحمتنا.
قال الزمخشري : و ) أَخَاهُ ( على هذا الوجه بدل و ) هَارُونَ ( عطف بيان كقولك رأيت رجلاً أخاك زيداً انتهى. والذي يظهر أن أخاه مفعول بقوله ) وَوَهَبْنَا ( ولا ترادف من بعضاً فتبدل منها، وكان هارون أسن من موسى طلب من الله أن يشد أزره بنبوته ومعونته فأجابه و
مريم :( ٥٤ - ٥٥ ) واذكر في الكتاب.....
( إِسْمَاعِيلَ ( هو ابن إبراهيم أبو العرب يمينها ومضريها وهو قول الجمهور. وقيل : إنه إسماعيل بن حزقيل، بعثه الله إلى قومه فشجوا جلدة رأسه فخيره فيما شاء من عذابهم فاستعفاه ورضي بثوابه وفوض أمرهم إليه في عفوه وعقوبته، وصدق وعده أنه كانت منه مواعيد لله وللناس فوفى بالجميع، فلذلك خص بصدق الوعد. قال ابن جريج : لم يعد ربه موعدة إلاّ أنجزها، فمن مواعيده الصبر وتسليم نفسه للذبح، ووعد رجلاً أن يقيم له بمكان فغاب عنه مدة. قيل : سنة. وقيل : اثني عشر يوماً فجاءه، فقال : أما برحت من مكانك ؟ فقال : لا والله، ما كنت لأخلف موعدي.
( وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ ). قال الحسن : قومه وأمته، وفي مصحف عبد الله وكان يأمر قومه. وقال الزمخشري : كان يبدأ بأهله في الأمر بالصلاح والعبادة ليجعلهم قدوة لمن وراءهم، ولأنهم أولى من سائر الناس ) وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاْقْرَبِينَ ( و ) أَمْرٍ وَأْمُرْ أَهْلَكَ ( ) قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ( أي ترى أنهم أحق بالتصدق عليهم بالإحسان الديني أولى. وقيل :) أَهْلِهِ ( أمته كلهم من القرابة وغيرهم، لأن أمم النبيين في عداد أهاليهم، وفيه أن حق الصالح أن لا يألو نصحاً للأجانب فضلاً عن الأقارب والمتصلين به، وأن يخطيهم بالفوائد الدينية ولا يفرط في ذلك انتهى. وقال أيضاً ذكر إسماعيل عليه السلام بصدق الوعد وإن كان موجوداً في غيره من الأنبياء تشريفاً له وإكراماً كالتلقيب نحو الحليم الأواه والصديق، ولأنه المشهور المتواصف من خصاله.
وقرأ الجمهور ) رَضِيّاً ( وهو اسم مفعول أي مرضوو فأعل بقلب واوه ياء لأنها طرف بعد واو ساكنة، والساكن ليس بحاجز حصين فكأنها وليت حركة، ولو بنيت من ذوات الواو مفعلاً لصار مفعلاً لأن الواو لا تكون طرفاً وقبلها متحرك في الأسماء المتمكنة غير المتقيدة بالإضافة، ألا ترى أنهم حين سموا بيغزو الغازي من الضمير قالوا : بغز حين صار اسماً، وهذا الإعلال أرجح من التصحيح، ولأنه اعتل في رضي وفي رضيان تثنية رضي. وقرأ ابن أبي عبلة : مرضواً مصححاً. وقالت العرب : أرض مسنية ومسنوة، وهي التي تستقي بالسواني.
مريم :( ٥٦ - ٥٧ ) واذكر في الكتاب.....
( إِدْرِيسَ ( هو جد أبي نوح وهو أخنوخ، وهو أول من نظر في النجوم والحساب، وجعله الله من معجزاته وأول


الصفحة التالية
Icon