" صفحة رقم ١٩٩ "
وقرىء ورياءً بياء بعدها ألف بعدها همزة، حكاهها اليزيدي وأصله ورئاء من المراءاة أي يرى بعضهم بعضاً حسنه. وقرأ ابن عباس، فيما روي عنه طلحة ورياً من غير همز ولا تشديد، فتجاسر بعض الناس وقال هي لحن وليس كذلك بل لها توجيه بأن تكون من الرواء، وقلب فصار ) ورئياً ( ثم نقلت حركة الهمزة إلى الياء وحذفت، أو بأن تكون من الريّ وحذفت إحدى الياءين تخفيفاً كما حذفت في لا سيما، والمحذوفة الثانية لأنها لام الكلمة لأن النقل إنما حصل للكلمة بانضمامها إلى الأولى فهي أولى بالحذف. وقرأ ابن عباس أيضاً وابن جبير ويزيد البربري والأعسم المكي وزياً بالزاي مشدد الياء وهي البزة الحسنة، والآلات المجتمعة المستحسنة.
( قُلْ مَن كَانَ فِى الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً حَتَّى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ إِمَّا العَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَواْ هُدًى وَالْبَِّقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً أَفَرَأَيْتَ الَّذِى كَفَرَ بِئَايَاتِنَا وَقَالَ لاَوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّاً وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً وَاتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ ءالِهَةً لّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً ).
) فَلْيَمْدُدْ (
مريم :( ٧٥ ) قل من كان.....
يحتمل أن يكون على معناه من الطلب ويكون دعاء، وكان المعنى الأضل منا ومنكم مدّ الله له، أي أملى له حتى يؤول إلى عذابه. وكان الدعاء على صيغة الطلب لأنه الأصل، ويحتمل أن يكون خبراً في المعنى وصورته صورة الأمر، كأنه يقول : من كان ضالاً من الأمم فعادة الله له أنه يمدد له ولا يعاجله حتى يفضي ذلك إلى عذابه في الآخرة. وقال الزمخشري : أخرج على لفظ الأمر إيذاناً بوجوب ذلك، وإنه مفعول لا محالة كالمأمور به الممتثل ليقطع معاذير الضال، ويقال له يوم القيامة ) أَوَ لَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ ( أو كقوله ) إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً ( والظاهر أن ) حَتَّى ( غاية لقوله ) فَلْيَمْدُدْ ( والمعنى إن الذين في الضلالة ممدود لهم فيها إلى أن يعاينوا العذاب بنصرة الله المؤمنين أو الساعة ومقدماتها.
وقال الزمخشري : في هذه الآية وجهان أحدهما أن تكون متصلة بالآية التي هي رابعتها، والآيتان اعتراض بينهما أي قالوا ) أَىُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً ( ) حَتَّى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ ( أي لا يبرحون يقولون هذا القول ويتولعون به لا يتكافون عنه إلى أن يشاهدوا الموعود رأي عين ) إِمَّا العَذَابَ ( في الدنيا وهي غلبة المسلمين عليهم، وتعذيبهم إياهم قتلاً وأسراً، وإظهار الله دينه على الدين كله على أيديهم وإما يوم القيامة وما ينالهم من الخزي والنكال فحينئذ يعلمون عند المعاينة أن الأمر على عكس ما قدروه، وأنهم ) شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً ( لا ) خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً ( وأن المؤمنين على خلاف صفتهم. انتهى هذا الوجه وهو في غاية البعد لطول الفصل بين قوله قالوا :) أَىُّ الْفَرِيقَيْنِ ( وبين الغاية وفيه الفصل بجملتي اعتراض ولا يجيز ذلك أبو علي.
قال الزمخشري : والثاني أن يتصل بما يليها فذكر نحواً مما قدمناه، وقابل قولهم خير مكاناً بقوله ) شَرٌّ مَّكَاناً ( وقوله ) وَأَحْسَنُ نَدِيّاً ( بقوله ) وَأَضْعَفُ جُنداً ( لأن الندي هو المجلس الجامع لوجوه القوم والأعوان، والأنصار والجند هم الأعوان، والأنصار و ) إِمَّا العَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ ( بدل من ما المفعولة برأوا. و ) مِنْ ( موصولة مفعولة بقوله ) فَسَيَعْلَمُونَ ( وتعدى إلى واحد واستفهامية، والفعل قبلها معلق والجملة في موضع نصب.
مريم :( ٧٦ ) ويزيد الله الذين.....
ولما ذكر إمداد الضال في ضلالته وارتباكه في الافتخار بنعم الدنيا عقب ذلك بزيادة هدى للمهتدي وبذكر ) الباقيات ( التي هي بدل من تنعمهم في الدنيا الذي يضمحل ولا يثبت. و ) وَخَيْرٌ مَّرَدّاً ( معناه مرجعاً وتقدم تفسير ) يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ ( في الكهف. وقال الزمخشري :) يَزِيدُ ( معطوف على موضع فليمدد لأنه واقع موقع الخبر تقديره من كان في


الصفحة التالية
Icon