" صفحة رقم ٢٠٦ "
حارث الجولان موضع.
وقال الزمخشري : فإن قلت : ما معنى انفطار السموات وإنشقاق الأرض وخرور الجبال، ومن أين تؤثر هذه الكلمة في الجمادات ؟ قلت : فيه وجهان أحدهما أن الله يقول : كدت أفعل هذه بالمسوات والأرض والجبال عند وجود هذه الكلمة غضباً مني على من تفوه بها لولا حلمي ووقاري، وإني لا أعجل بالعقوبة كما قال ) إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( الآية.
والثاني : أن يكون استعظاماً للكلمة، وتهويلاً من فظاعتها، وتصويراً لأثرها في الدين وهدمها لأركانه. وقواعده، وأن مثال ذلك الأثر في المحسوسات أن يصيب هذه الأجرام العظيمة التي هي قوام العالم ما تنفطر منه وتنشق وتخر انتهى.
وقال ابن عباس إن هذا الكلام فزعت منه السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلاّ الثقلين وكدن أن يزلن منه تعظيماً لله تعالى. وقيل : المعنى كادت القيامة أن تقوم فإن هذه الأشياء تكون حقيقة يوم القيامة. وقيل :) تَكَادُ السَّمَاوَاتِ يَتَفَطَّرْنَ ( أي تسقط عليهم ) وَتَنشَقُّ الاْرْضُ ( أي تخسف بهم ) وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً ( أي تنطبق عليهم. وقال أبو مسلم : تكاد تفعل ذلك لو كانت تعقل من غلظ هذا القول، وانتصب ) هَدّاً ( عند النحاس على المصدر قال : لأن معنى ) تخرّ ( تنهد انتهى. وهذا على أن يكون ) الْجِبَالُ هَدّاً ( مصدراً لهد الحائط يهد بالكسر هديداً وهداً وهو فعل لازم. وقيل ) هَدّاً ( مصدر في موضع الحال أي مهدودة، وهذا على أن يكون ) هَدّاً ( مصدر هد الحائط إذا هدمه وهو فعل متعد، وأجاز الزمخشري أن يكون مفعولاً له أي لأنها تهد، وأجاز الزمخشري في ) أَن دَعَوْا ( ثلاثة أوجه. قال أن يكون مجروراً بدلاً من الهاء في منه كقوله :
على حالة لو أن في القوم حاتما
على جوده لضن بالماء حاتم
وهذا فيه بعد لكثرة الفصل بين البدل والمبدل منه لجملتين، قال : ومنصوباً بتقدير سقوط اللام وإفضاء الفعل أي ) هَدّاً ( لأن دعوا علل الخرور بالهد، والهد بدعاء الولد للرحمن، وهذا فيه بعد لأن الظاهر أن ) هَدّاً ( لا يكون مفعولاً بل مصدر من معنى ) وَتَخِرُّ ( أو في موضع الحال، قال : ومرفوعاً بأنه فاعل ) هَدّاً ( أي هدها دعاء الولد للرحمن، وهذا فيه بعد لأن ظاهر ) هَدّاً ( أن يكون مصدراً توكيدياً، والمصدر التوكيدي لا يعمل ولو فرضناه غير توكيد لم يعمل بقياس إلاّ إن كان أمراً أو مستفهماً عنه، نحو ضرب زيداً، واضربا زيداً على خلاف فيه. وأما إن كان خبراً كما قدره الزمخشري أي هدها دعاء الرحمن فلا ينقاس بل ما جاء من ذلك هو نادر كقوله.
وقوفاً بها صحبي عليّ مطيهم
أي وقف صحبي.
مريم :( ٩١ ) أن دعوا للرحمن.....
وقال الحوفي وأبو البقاء ) أَن دَعَوْا ( في موضع نصب مفعول له، ولم يبينا العامل فيه. وقال أبو البقاء أيضاً : هو في موضع جر على تقدير اللام، قال : وفي موضع رفع أي الموجب لذلك دعاؤهم، ومعنى ) دَّعَوَا ( سموا وهي تتعدّى إلى اثنين حذف الأول منهما، والتقدير سموا معبودهم ولداً للرحمن أي بولد لأن دعا هذه تتعدى لاثنين، ويجوز دخول الباء على الثاني تقول : دعوت ولدي بزيد، أو دعوت ولدي زيداً. وقال الشاعر :


الصفحة التالية
Icon